الحديث عن الحراك الجاري فيما يتعلق بحلّ مشكلات غزة يثير التساؤلات حول مدى واقعيتها، وقدرتها على حل مشكلات غزه، بعد 11 سنة من الحصار وشن ثلاث حروب وإنهاك غزة بأشكال مختلفة، وما الذي يدفع العديد من الأطراف إلى طرح تلك المبادرات في هذا الوقت بالتحديد.
المصالح هي ما يحكم أي تحرك سياسي في المنطقة بمصالحه القطرية لكل دولة، وحماية المصالح وبناء الصورة لدى البعض، لذلك عند الحكم على كل مبادرة يؤخذ بالحسان سياق طرحها والمصالح المرجوة في ذلك.
في حال تسمية ما يطرح أنها مبادرات يمكن الحكم عليها بجوهر الطروحات المقدمة، ومدى تلبية الحاجات الفلسطينية التي تنطلق من محاور عدة في مقدمتها إيجاد حل للأزمة الإنسانية في غزة بمدخل اقتصادي يخفف من وطأة صعوبة الحياة الناتج عن استمرار الحصار وهي الحكم الحقيقي على نجاح أي مبادرة مقدمة.
الحفاظ على منجزات مسيرات العودة التي دفع ثمنها دماء الأبرياء السلميين المتظاهرين شرق غزه، والتي جاءت ردًا على محاولات الاحتلال طمس الهوية الفلسطينية وإسدال الستار على الحقوق الوطنية والدينية في القدس وإنهاء قضية اللاجئين.
التمسك بسلاح المقاومة وإبعاده عن أي مبادرة تطرح تحت مسميات مختلفة، لأنها ستكون المفجر لأي مبادرة مقدمة.
يقاس نجاح أي مبادرة تعالج دور السلطة والحكومة في إدارة قطاع غزة وفق رؤية توافقية وطنية تعيد ترتيب الصف الفلسطيني انطلاقًا من مسيرة طويلة من الاتفاقيات الداخلية التي ترسي القواعد لوفاق وطني قادر على إعادة بناء المؤسسات الوطنية ومنحها الشرعية لتمثيل الكل الفلسطيني.
لضمان نجاح أي مبادرة يجب أن تنهي بشكل كامل العقوبات المختلفة التي فرضتها السلطة، بإعلان مسبق عن ذلك.
والأهم في كل ما يطرح أن تبتعد إسرائيل تماما عن التدخل في الشأن الفلسطيني ورفع الحصار، والتوقف عن إجراءاتها الاستفزازية، وترك غزة تعيش بعيدًا عن نظريات الاحتلال القائمة على إبقاء رأسها فوق الماء والانتظار لرميها بالبحر، حينها سنعود للمربع الأول وهو أن الفلسطيني لن يقبل بالعيش مع تلك النظريات وستسقط كل المبادرات.
وأي مبادرة ستقدم ضمن صفقة القرن سيحكم عليها بالفشل مهما ألبست من النوايا وقدمت بأوجه مختلفة، وحينها نكون أمام موجة جديدة من المواجهة، وإن كان لا يرغب بها الطرفان في هذه المرحلة.