#صفقة_ترامب هي مشروع "جيوسياسي" يرتكز على إعادة تقسيم وتركيب منطقة صراع النفوذ العالمي، بفلسفة تجعل عمودها الفقري الدولة الوظيفية (إسرائيل)، لتكون الأولى والقائدة في الإقليم، ويدور في فلكها آخرون، يتكئون على تكثيف العداء مع إيران.
فهذا المشروع يسوق اليوم، وتوضع قواعده، وسيغلف بمادة مشاريع اقتصادية كبيرة من سكك حديدية، وشق طرق برية ومائية، وبناء شبكات مصالح ومدن حيوية تتمثل فيها الشراكة والانصهار كـ(نيوم).
إن هذه المشاريع "الجيوسياسية" لا توجدها اتفاقيات بقدر ما توجدها قوة صاعدة قادرة على إنتاجها وحمايتها؛ فتستمر عندئذ هذه المشاريع وجودًا وعدمًا بقوة تأثير ونفوذ من أوجدها.
وهنا الحديث عن أمريكا التي لا يشك عاقل، ولا يشكك منصف في قدرتها على الفعل والتأثير، وقوتها على التنفيذ والحماية.
غير أنه ينقص أمريكا #القوة_المستديمة، فأمريكا قوية، ولكنها ليست في مرحلة بِداء، بل هي إلى الأفول أقرب، وأن قوى أخرى من الإقليم قد تشكلت فيها كل مراحل الصعود، ليس الإقليمي فقط، بل الطموح إلى العالمية أيضًا.
وإلا ما كان هذا الاهتمام الكبير، والانشغال بما يتولد من الإرادة الحقيقية في الأمة التركية، وهي تطرح مشروع #القوة_العالمية 2023م؛ فهي تعمل عليه على قدم وساق.
ثم لو نظرت إلى قوة واعتبار المشاركين في هذا المشروع التقسيمي، لوجدتهم جميعًا ينطلقون من أزمة تهدد مصالحهم، ومنهم من تهدد الأزمات وجودهم.
أما إيران التي يزعمون أنها العدو الرئيس فإنها أقرب إلى الاستقرار والتمدد في المنطقة بالحضور والتأثير، من كل تلك القوى التي بنت تحالفها على معاداتها.
فإيران أقدر على استثمار وتوجيه ما يبنى في هذه الصفقة ممن يدفعون الأثمان، فكيف وقد قدرت على استثمار الحروب التي أشعلوها؟!، فهي إلى تثمير ذلك أقدر.
وعندما تنظر إلى القوى الدولية الصاعدة بقوة وتأثير كبير على المسرح الدولي؛ تجد #روسيا و#الصين اللتين يربط بينهما تفاهمات كبيرة وتوافقات تتصادم هي وما تسارع إليه أمريكا لتثبيته، ولاسيما في علاقتهما بالقوتين الإقليميتين الكبيرتين، وهنا الحديث عن تركيا وإيران.
إذًا المشاريع "الجيوسياسية" تحتاج إلى قوة بادية تدخل المشهد، مثلما كان من فرنسا وإنجلترا في مشروع #سايكس_بيكو الذي لا يزال قائمًا بقوة النفوذ الأمريكي الوريث لهما، وكان قد جاء ذلك المشروع على أنقاض الدولة العثمانية.
وعليه إنّ انهيار وإفشال هذه المشاريع مرهونان بقوتنا الحضارية، وليس بحركات محلية، مهما بلغت من القوة والاعتبار، وإن كان ذلك يستوجب منها الرفض والمناهضة لكل المشاريع التي تستهدف في الأساس الهوية الحضارية للأمة.
ومن الجدير أن نلفت إلى أن #عنجهية_القوة و #الصلف اللذين يحكمان العقلية والممارسة الأمريكيتين ويتحكمان فيهما يتناقضان هما والفلسفة التي سوقت أمريكا بها لنفسها، وذلك عندما دخلت إلى العالمية "قوة مناهضة للاحتلال، وداعية إلى تقرير الشعوب لمصيرها".
أما العامل الحاسم في إزالة هذه المشاريع فهو استنهاض #إرثنا_الحضاري، الذي لم تفلح بالمناسبة كل محاولات تغييبه وتذويبه، لأنه موروث، غير أنه عميق في جذور التاريخ الأولى، فإنه ليستمد بقاءه من وحي محفوظ.
عزيزي القارئ، لتعلم أن الجلبة التي أحدثتها الانتخابات التركية في أوروبا وأمريكا والكيان العبري ومن هم دونهم ليس لها تفسير، إلا الخشية من الموروث الحضاري الذي ملك القرار في الأرض أن يعود من جديد.