قائمة الموقع

عائلةٌ يكفيها بيت دافئ وكِسرة خُبز كي تعيش بكرامة

2017-01-10T09:39:01+02:00

موقدٌ أسود صغير مُتسخ به بعض الأوراق المشتعلة، وإناء محترق لفرط استخدامه، وضعته الأم على النار كي تُحضر وجبة الغداء لأبنائها، وبجانبها طفلها الصغير الذي لم يتجاوز عامه الثالث بعد, يرتدي بنطالًا قديمًا و"كنزة" بالية حاكتها والدته من الجانب كي تحميه من البرد، وفي يد الأم بعض عيدان الخشب، تساعدها في إشعال النيران كلما خمدت.

حياة صعبة

ذلك مشهد عائلة تعيش في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، تحاول أن تقاوم الحياة أكثر مع كل تجمد يُصيب أطراف صغارها، ومع كل شعورٍ بالخذلان من ضيق الحياة ومُرها.

"ن. س" امرأة في عقدها الرابع، تعيش مع زوجها الذي كان يعمل داخل "الأراضي المحتلة" منذ سنوات، وبعد أن توقفت تصاريح العمل للجميع هناك، أصبح يعمل على بند البطالة مقابل القليل من المال.

بعد سنواتٍ أصيب رب العائلة بالغضروف وثقب في صمام القلب ولم يتمكن من العمل، واعتمد بشكلٍ كُلي على المساعدة التي يحصل عليها من برنامج "chf" وهو عبارة عن مساعدات تموينية تحصل عليها العائلة شهريًا كالدقيق والحمص والزيت.

تقول "ن. س" والتي بدت أكبر من عمرها بكثير نتيجة المعاناة التي تعيشها:" بعد أن هُدم منزلنا بشكل جزئي في الحرب قررنا إزالته بشكل كامل، ولكننا لم نحصل سوى على تعويض جزئي، قمنا ببناء الأساسات للمنزل، وحصلنا على دين من الأصدقاء والأقارب لإكمال بناء البيت".

وتابعت قولها وهي تحاول إشعال النيران في الموقد: "الآن أكملنا بناء المنزل لكنه بحاجة للتشطيب، ولا نعلم متى سنعود للسكن فيه مرة أخرى".

بحاجة للدفء

تعيش هذه العائلة في بيت بالإيجار لا يوجد به أدنى متطلبات الحياة، فهو مغطى بألواح من الإسبست المتهالك، تتساقط منه المياه من جميع الجهات في الشتاء وتدخل منه الرياح بكثرة، حتى أنه لا يسمح لأهل المنزل بالدفء أبدًا في هذا الجو البارد.

وتضيف الأم عن معاناتها في هذا المنزل: "لديّ ابنٌ جريح يحصل على راتب شهري (600 شيكل) ندفع منه ثمن إيجار المنزل وما تبقى نعيش منه في هذه الظروف الصعبة".

هذه العائلة تعيش ظروفًا صعبة للغاية في منزلها فلا يوجد سوى دورة مياه متهالكة لا توجد بها إضاءة، وتضطر الأم دائمًا لوضع الملابس على الأرض لأنها لا تمتلك خزانة.

وتكمل قولها: "عائلتنا مكونة من 10 أفراد, بالكاد نشعر بالدفء في الليل ومن شدة البرد ينام أبنائي في البيت الجديد على الأرض، عمري الآن 46 عامًا وكل ما رأيته في حياتي تعب وشقاء, أريد أن أطمئن على أبنائي علّهم يعيشون في حالٍ أفضل بعيدًا عن هذا البيت السيئ".

وتمضي بالقول: "قبل أيام توفيت جارتنا (16 عامًا), شعرت بأن الموت من الممكن أن يخطف أي أحد بسرعة، وشعرتُ أننا لم نعِش يومًا هانئًا كباقي الناس، كل ما نريده هو بيت آمن فقط ولا نريد شيئًا آخر، كلما رأيت مطبخ جيراني شعرت بالحسرة؛ أمنيتي الوحيدة أن أرى المطبخ كاملًا تتوفر فيه كافة الأدوات".

ملابس بالية

تقول "ن. س" عن حياة أبنائها: "للأسف ابني عمره ثلاث سنوات ولا يوجد له سوى قطعتي ملابس أغسل واحدة ويرتدي الثانية وهكذا، حتى حذاء في قدمي لا أملك لأرتديه، دائمًا أرتدي العباءة في المنزل فلا أملك ثمن الملابس، أعتمد بشكل كلي على الأقارب والأهل؛ فعندما يرمون الأشياء القديمة يرتديها أبنائي".

وتضيف بعد أن فتحت ثلاجتها لتتفقد ما بها من طعام: "أغلب طعامنا حمص أسلقه ليأكله أبنائي أو عدس أو أظهر دجاج مثلجة أو حتى أجنحة دجاج مثلجة, هذا هو طعامنا، ولأننا لا نملك غازًا فإننا نطهو على النار دائمًا، حتى المياه نسخنها على النار كي يستحم أبنائي".

أمنيات صغيرة تلك التي تتمناها هذه الأم، هي لا تريد لأبنائها سوى الراحة بعد سنوات تعب طويلة قضتها في هذا المنزل المتهالك، كل ما تتمناه أن يكون لديها مكان تنظف فيه الأواني بعيدًا عن دلو المياه الباردة الذي أنقض ظهرها، تريد بيتًا تشعر فيه وصغارها بالدفء؛ فهل تجد ذلك من أيادي الخير الناصعة؟

اخبار ذات صلة