فلسطين أون لاين

​اتساع حراك ارفعوا العقوبات.. رسائِل لم تلتقطها السلطة بعد

...
غزة - يحيى اليعقوبي

رغم القمع بالسحل والضرب إلا أن مسيرة رام الله التي خرجت أمس للمطالبة برفع العقوبات عن غزة زادت حجما وعلا صوت المشاركين فيها، مطالبين السلطة بإنصاف غزة، وتزامنت مسيرة الضفة الغربية مع مسيرتين أخريين في فرنسا وإيطاليا، فيما يجري التحضير لمسيرات اليوم بعواصم أوروبية.

ويحمل الحراك رسائل ودلالات كبيرة، ويعبر عن حالة من الاستياء والغضب لدى شريحة كبيرة من أبناء الشعب الفلسطيني من أكثر من مكان في العالم على ما تقوم به السلطة من إجراءات عقابية تجاه أبناء غزة، كما يرى مراقبون، حيث بدأ يسود الرأي العام وعي بطبيعة ما يجري، وفهم لتجاوز السلطة الحدود الأخلاقية والقانونية والسياسية، وسط توقعات بازدياد رقعة الحراك الشعبي في الضفة.

ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة السلطان قابوس بمسقط، د. هاني البسوس، إن الشعب يعلم أن العقوبات ليست ضد حماس بل ضد غزة، وهي عقوبات جماعية مفروضة جملة وتفصيلا، خاصة أن الاحتلال هو من أنتجها ولا يجوز للسلطة استنساخها.

واعتبر زيادة وتيرة الاحتجاجات تأكيدا أن الناس تشعر أنه لا بد من اتخاذ خطوات عملية لتصويب الوضع والنزول للشارع ضد العقوبات بات خطوة لها وزنها.

واستدرك، لكن يبدو أن السلطة لم تأخذ بالعدد المتزايد من المشاركين ولم تأبه به، لافتا إلى أن السلطة باتت متخوفة من اتساع الحراك داخليا وخارجيا لأنه سيزيد من احتمالية المواجهة والصدام مع الشارع فضلا عن إحراجها على المستوى الدولي.

ورأى البسوس أن دلالة ازدياد أعداد المشاركين هي أن حالة وعي يعيشها الشعب الفلسطيني، الذي فهم أن السلطة تجاوزت الحدود الأخلاقية والقانونية والسياسية وهذا الوعي يتجسد على أرض الواقع، رغم القمع الذي تعرضوا له في المرة السابقة في رام الله.

في المقابل، يعتقد البسوس أن السلطة تذهب للنفس الأخير في العقوبات وتحاول أن تصل لأبعد نقطة بالضغط على غزة باعتقادها أن ذلك يمكن أن يركع حركة حماس، والأمر الثاني أنه يمكن أن يكون في حسبان السلطة أنها ليست معنية بغزة وتريد فصلها عن الضفة وهذه العقوبات للتخلص من العبء الاقتصادي لغزة، لذلك تحاول عدم التجاوب مع المطالب الشعبية.

مطلب شعبي

من جانب، يقول عضو لجنة حراك رفع العقوبات عن غزة عمر عساف إن الحراك به أمران الأول استمرار الاحتجاج الذي بدأ قبل أسابيع ويطالب برفع العقوبات، والثاني هو الرد على قمع أجهزة أمن السلطة مسيرة رام الله السابقة.

وأضاف عساف لصحيفة "فلسطين" أن الشعب بات أكثر توحّدا من أي وقت مضى حول مطلب رفع العقوبات، وسيواصل فعالياته من أجل رفعها، مشيراَ إلى أن تصاعد وتيرة الاحتجاج يحمل رسالة واضحة أنه "الشعب لن ينحني أمام من يفكر أنه يستطيع مصادرة حقوق الناس بمنعهم من التعبير عن رأيهم عبر القمع الأمني".

ورأى أن السلطة استخلصت العبر من قمعها لمسيرة رام الله الأولى عبر وحدات كبيرة من أفراد الأمن بالزي العسكري والمدني بعدم تواجدهم في مسيرة رام الله أمس، لافتا إلى أنه كان ينبغي على أجهزة أمن السلطة الابتعاد عن الحراك لأنه لا يستهدف أي أحد وإنما يطالب بحقوق عادلة.

وأوضح عساف أن ما يميز حراك "ارفعوا العقوبات" هو وجود إجماع شعبي ووطني من كل القوى الوطنية التي تشارك بالمسيرة وحتى من داخل حركة فتح ومؤسسات المجتمع المدني ومؤسسات منظمة التحرير، معتقدا أن استمرار الحراك سيؤدي إلى مزيد من الضغط على السلطة باعتبار مطلب رفع العقوبات مطلبا شعبيا عادلا ومحقا تلتف حوله كافة أطياف الشعب.

وتدلل المسيرة، وفق عساف، على أن الشعب لديه حس عالٍ باتجاه وحدة الشعب والقضية، وأنه يستشعر بالظلم غير القانوني والدستوري الواقع على غزة، باعتبارها قرارا ظالما يضيق على غزة إلى جانب الحصار المفروض عليها.

يذكر أن رئيس السلطة محمود عباس اتخذ إجراءات في إبريل/ نيسان 2017، بهدف "إجبار" حركة حماس على تسليم إدارة غزة بالكامل لحكومة الحمد الله، شملت تقليص الرواتب بنحو الثلث، ووقف إمدادات الكهرباء عن القطاع (تمت إعادتها في كانون الثاني/ يناير 2018).