ليلة الثلاثاء الأربعاء الأكثر سخونة ميدانيًا في الجولة الجديدة من التصعيد، بعد قيام الاحتلال بخرق قواعد الاشتباك التي أُرسيت منذ نهاية حرب 2014، وشن عمليات قصف مركزة على مواقع المقاومة والمس بمقدراتها، وترويع المواطنين، وتجاهل المعادلة التي أعلنتها المقاومة خلال الشهر الماضي واللطمة التي تعرض لها بقيام المقاومة بقصف ما يعرف بغلاف غزة بعشرات الصواريخ والإعلان عن معادلة القصف بالقصف، وقد اعتقد الاحتلال أن اعتداءاته على المواطنين السلميين لن تقابل بالرد لاعتبارات ترتبط بحسابات لديها، لا تفضل فيها مواجهة عسكرية في هذه المرحلة.
المواجهة الحالية ترسي لقواعد جديدة منها القصف بالقصف وكذلك تحقيق أهداف مسيرات العودة وفي مقدمتها كسر الحصار، ويتم ذلك وفق الاعتبارات التي تراعي عدم الانجرار لمواجهة شاملة، وبنفس الوقت لا تعطي الاطمئنان للاحتلال بالصمت على اعتداءاته التي تأخذ أشكالا متعددة.
المقاومة في موضع الدفاع عن النفس لحماية نفسها وشعبها، ومنها مسيرات العودة وضمان عدم اعتداء الاحتلال عليهم كما حدث في مسيرات العودة وكسر الحصار التي تنظم على حدود غزة، والتي سنراها غدًا الجمعة لتكتمل الرسالة بين المقاومة العسكرية والسلمية.
الرد الموحد الذي قامت به المقاومة يكشف عن حالة غير مسبوقة من التوحد والعمل المشترك في كافة جوانب العمل المقاوم، وهو ما يربك الاحتلال، الذي كان يعمل باستمرار على الاستفراد بجهة دون أخرى، وهذا التطوّر هو انعكاس للتقارب السياسي في أعلى مستوى بين قادة الفصائل على غرار اللجنة العليا التنسيقية لمسيرات العودة وكسر الحصار.
تبرر حكومة الاحتلال عمليات القصف بالأطباق الورقية التي تصدر من غزة، وهي مبررات غير دقيقة، فالاحتلال لم يتوقف عن قصف غزة في مراحل عدة تحت مبررات مختلفة منها إطلاق صواريخ مشبوهة ثبت في بعض الحالات أنها كاذبة وغير دقيقة، وفي المقابل حافظت المقاومة على صمتها كي لا تصل الى مواجهة، مما أوهم الاحتلال انها نقطة ضعف عند المقاومة ثبت لاحقًا خطأ هذه التقدير.
لا شك أنه تنتظرنا ليالٍ أخرى قد تكون أكثر سخونة، خاصة في ظل تصريحات قادة الاحتلال نتنياهو وليبرمان وايزنكوت بالذهاب لمواجهة محدودة أو شاملة، ويعني أنه سيتواصل العدوان، وخاصة تحت الضغط الجماهيري والإعلامي ومزاودات المعارضة، وبنفس الوقت يدرك الثلاثة أنهم لا يقولون الحقيقة ويتحملون المسؤولية عما يحدث في غزة، وهم من يحاصرها ما يزيد على 11 عامًا، ويقفون خلف استفزاز المقاومة، ووضع شروط لفك الحصار ترتبط بسلاح المقاومة وهو شرط دونه الأرواح بالنسبة للمقاومة، وغير قابل للتفاوض أو النقاش.
لا يمتلك الاحتلال مزيدا من الخيارات سوى الخضوع لقواعد الاشتباك وإلا حينها سيواجه بمعادلة القصف بالقصف، وقد أوفت المقاومة بوعدها ومتمسكة به، وتعتبر ذلك حماية لغزة من بطش الاحتلال، واستمراره في العدوان وما عليه سوى التوقف عن تجاوز قواعد الاشتباك.