فلسطين أون لاين

أساليب متعددة لطمس عروبة البلدة القديمة في القدس

...
القدس المحتلة (أ ف ب)
القدس المحتلة / غزة - نبيل سنونو

الحرب على مدينة القدس لم تضع أوزارها لا في 1948، سنة النكبة، ولا في 1967، سنة النكسة، إنها لا تزال مستعرة، ومن الشواهد على ذلك مخططات الاستيلاء على العقارات في البلدة القديمة وغيرها، لصالح الاستيطان.

أساليب متعددة يتبعها الاحتلال الإسرائيلي وأذرعه المختلفة لتحقيق أهدافه الاستيطانية، منها ما يذكره رئيس الهيئة الإسلامية العليا، الشيخ عكرمة صبري، بقوله: "حصلت بعض الحالات أن شخصا صاحب بيت يبيع لمواطن وهذا المواطن يكون مشبوها ويسربها لسلطات الاحتلال".

ويضيف صبري لصحيفة "فلسطين": "لذلك هناك تعميم لأهالي القدس والضواحي بأن أي شخص في بيع بيته عليه أن يراجع المحافظة أو يراجع المؤسسات الدينية لمعرفة بالضبط من المشتري، لأنه حصلت بعض الحالات، (...) هناك نوع من الالتفاف والتآمر".

ويؤكد أن هذه الحالات في غالبها تم إحباط الصفقة، لكنه يردف: "منها لم نعلم بها وهناك مخطط احتلالي أنهم يعطون وعدا للبائع بأنه سوف لا يكشف عنه إلا بعد وفاته".

وعن توقيت ذلك، يقول: "نحن لا نستطيع أن نضبط التواريخ، لكن هناك التركيز على سلوان في حي بطن الهوى ومؤخرا تم شراء بعض الشقق من عمارة موجودة في سلوان وأخذوا يضغطون على المالكين للشقق السكنية الأخرى ويزعجونهم حتى يستسلموا ويبيعوا هذا الشقق".

وبحسب صبري، المخطط الاحتلالي لتهويد المدينة جاهز، ومحضر له سلفا، والاحتلال ينفذ هذا المخطط خطوة خطوة وبالتدريج، وبطريقة مباشرة.

ويوضح فيما يتعلق بالبيوت، أن الاحتلال يبحث عن غائبين فيها ليكون له مبرر لوضع اليد، من قبل ما يسمى "حارس أملاك الغائبين"، ومن البيوت آيلة للسقوط لأن الاحتلال يرفض الترميم، وبالتالي يتخذ ذلك ذريعة لأن يخلي أصحابها، وهذا من ضمن الأساليب.

لكن في الحقيقة إن سلطات الاحتلال تسعى إلى الاستيلاء على كل ما في القدس تحت ستار "قانون" أقره "الكنيست" سنة 1950، بموجبه تم ‏الاستيلاء على الأراضي والممتلكات التي تعود للفلسطينيين، الذين هُجّروا منها ونزحوا عنها نتيجة احتلال فلسطين سنة 1948.

ويشدد رئيس الهيئة الإسلامية العليا، على أن أي "قانون" يصدره "الكنيست" يرمي إلى خدمة الاحتلال وتهجير المواطنين، وبالتالي هناك "قوانين" عدة صدرت في هذا الصدد.

وفي البلدة القديمة، لا يوجد مجال لبناء جديد إذ لا يسمح الاحتلال للفلسطينيين، سكانها الأصليين، أن يقوموا بذلك.

ويُبين صبري، أن الاحتلال يرمي إلى التضييق على سكان البلدة القديمة "حيث لم يسمح لهم بالترميم، من هنا يأتي سوء النية أما خارج البلدة القديمة فتكاليف البناء باهظة جدا لا يستطيع أن تغطيها إلا أصحاب الملايين، لأن ترخيص الشقة الواحدة يصل إلى 50 ألف دولار قبل البناء".

وتبلغ مساحة البلدة القديمة نحو 900 دونم (الدونم ألف متر)، أي ما نسبته 0.71% من المساحة الكلية للمدينة المحتلة منذ 1948، وفيها المسجد الأقصى وكنيسة القيامة.

"هجمة"

من جهته، يؤكد مدير وحدة المعلومات الجغرافية في معهد الدراسات التطبيقية "أريج" عيسى زبون، أن هناك إجراءات تسرع عملية الاستيطان خصوصا في محيط البلدة القديمة، وبالذات في منطقة سلوان.

ويصف زبون في حديث مع صحيفة "فلسطين"، وضع البلدة القديمة في ظل مخططات الاحتلال بأنه "مأساوي"، من ناحية عدم السماح للفلسطينيين بترميم بيوتهم القديمة أو إضافة أي غرف جديدة داخل البلدة.

وعدا عن ذلك، يحذر زبون من أن هناك تسريب عقارات عن طريق مؤسسات أجنبية تأتي للبلدة القديمة وتشتري بعض البيوت، ومن ثم تتصرف بها، وهذه المؤسسات وهمية، تسرب بعض العقارات لعصابات المستوطنين أو شركات تدعم الاستيطان.

"واضح أن هناك هجمة، خصوصا منذ سنتين، على البلدة القديمة، تركزت في بعض الأحياء لاسيما الحي الإسلامي"، والكلام لا يزال لزبون.

وبحسب الخبير في شؤون الاستيطان، يجري الاستيلاء على عقارات عن طريق التزوير، وتم اكتشاف هذه الحالات أكثر من مرة، إذ يأتي مستوطن ويزعم أنه اشترى حصة من حصص عدة ويكون صاحب العقار متوفى، ويتم التزوير.

ويحذر زبون من أساليب متعددة للاستيلاء على البيوت في البلدة القديمة، وذلك بالترهيب، أو التزوير، أو وضع اليد مباشرة، أو قرارات عسكرية، مشددا على أن كل هذه الأساليب باطلة.

وعن عدد البيوت التي جرى الاستيلاء عليها، يقدّر زبون بأنها لا تتجاوز 150 عقارا، مبينا أن 98% من البيوت في البلدة القديمة يسكنها الفلسطينيون، أما 20% منها جرى الاستيلاء عليها.

لكنه ينبه إلى أن الخطر يحدق بالقدس من كل النواحي، لأن سلطات الاحتلال تسعى إلى طمس الهوية الفلسطينية بشكل كامل، وهناك مخططات كبيرة في البلدة القديمة.

وتسعى سلطات الاحتلال لتحقيق مخططها المسمى "القدس الكبرى"، القائم على ضم ثلاث كتل استيطانية للقدس المحتلة كبرى هي "جفعات زئيف"، و"معاليه أدوميم"، و"غوش عتصيون".

كما أن المخطط الاستيطاني المعروف بـ"E1" من شأنه أن يفصل القدس نهائيا وبشكل كامل عن امتدادها الفلسطيني، ويتمثل في إخلاء كافة الفلسطينيين الذين يعيشون في محيط المدينة والمناطق المحيطة بمستوطنة "معاليه أدوميم" شرق القدس.

وفي خطوة لا تحظى بقبول دولي، اعترف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في السادس من ديسمبر/كانون الأول الماضي، بالقدس المحتلة "عاصمة" مزعومة لكيان الاحتلال الإسرائيلي.