بدأ الناس فعلًا يتحدثون في مجالسهم ويكتبون على صفحاتهم الاجتماعية رثاءً حزينًا لشهر رمضان، وبكاءً على أطلالٍ خَرِبةٍ لم يستطيعوا إعادة إعمارها في هذا الشهر الفضيل، فهل المشكلة في رمضان أم فيهم؟
سبق أن قلنا إن رمضان سوق قام ثم انفض، ربح فيه من ربح وخسر فيه من خسر، دعونا نقف عند هذا التشبيه النبوي لرمضان بالسوق، ونأخذ منه العبرة، فمن الذي سيبكي بعد انتهاء السوق؟، ومن الذي سيفرح بما جناه منه؟
التاجر الذي وُفق في بيع بضاعته، والزبون الذي اشترى أفضل ما يحتاج بأحسن الأسعار، كلاهما سعيد بهذا السوق فرح بما حققه فيه، أما التاجر والزبون اللذان لم يحققا مرادهما فلاشك أنهما لن يكونا مسرورين بانقضاء السوق أبدًا.
ونحن على هذا الحال في رمضان، بين رابح وجد لذةً فيما جنى، وبين خاسر فاتته الفرصة ولم يلتقط شيئًا يحمله ذكرى من هذا الشهر الكريم؛ فالمشكلة لم تكن بالمطلق في شهر رمضان، بل في اهتمام الناس واغتنامهم لهذا الشهر.
هذا الحال يتضح أكثر بعد انقضاء شهر رمضان، فالرابح حمل معه من رمضان تذكارًا جميلًا في سلوكٍ أو مداومة على عبادة، والخاسر عاد كما كان قبل شهر رمضان بالضبط، وكأن رمضان لم يمرّ على قلبه قط.
قد يبكي كل من الرابح والخاسر شهر رمضان، لكن الفرق كبير بين دموع الفرح بالإنجاز والشوق إلى موسم رمضاني مقبل، ودموع الحسرة والندم على ما فات من خير وفير.