قائمة الموقع

​"زهرة" القبرصية وحفيدتها الفلسطينية توأما الروح والحلم

2018-06-11T07:43:30+03:00

لم تكن العلاقة التي تربط الكاتبة الفلسطينية زهرة خُدرُج (47 عامًا) بجدتها القبرصية صلة القرابة فحسب، بل إنهما تشاركتا في الاسم نفسه، وإن اختلفت الجنسيات.

تقول إن جدتها _وهي مسلمة_ كان اسمها زهرة خدرج، وهي من جزيرة قبرص (الجزء اليوناني).

أما زهرة الفلسطينية فهي الآن حاصلة على بكالوريوس تمريض، ودبلوم عالٍ في الولادة (قابلة)، وماجستير علوم إنسانية، ودكتوراة في التنمية البشرية.

ليس ذلك فحسب، كما تقول، فهي أيضًا كاتبة وروائية صدرت لها 8 كتب تباع في الأسواق، منها مجموعة قصصية، ولديها رواية لم تصدر بعد.

أما زهرة القبرصية فلم تكن سوى فتاة تبلغ من العمر (18) عامًا حين تزوجها الفلسطيني عبد الفتاح خُدرُج، من قلقيلية في شمالي الضفة الغربية المحتلة، وجاء بها إلى أرض فلسطين.

كان عبد الفتاح واحدًا من الفدائيين الفلسطينيين الذي تصدوا للانتداب البريطاني والعصابات الصهيونية، فحبه لوطنه المحتل وانتماؤه له وتدينه جعلته من الرجال الأوائل الذين قاوموا الغرباء القادمين إلى فلسطين التاريخية.

أيضًا كان عبد الفتاح الشاب الأشقر ذو العينين الخضراوين مهتمًّا بالمسلمين في الجزء اليوناني من جزيرة قبرص، الذين ارتكبت فيهم قبل عشرات السنين مذابح مسلحة عصابات جمعية "إيوكا" اليونانية النصرانية.

وعلى إثر ذلك قرر 12 شابًّا فلسطينيًّا من قلقيلية الذهاب إلى قرية صغيرة اسمها "باثوس" القريبة من شاطئ البحر، وهي ضمن مدينة "ليماسول" القبرصية (ثاني أكبر مدينة في قبرص اليونانية)، للزواج من مسلمات والرجوع بهن إلى أراضي فلسطين عام 1936م.

آنئذ أشعلت إحدى شقيقاتها عود كبريت وأطفأته وكحلت زهرة التي جاءت مع زوجها إلى فلسطين، من شدة الفقر الذي كنّ يعشن فيه.

وبعدما جاءت زهرة القبرصية إلى فلسطين عاشت حياة صعبة، فزوجها الذي كان يعمل حدادًا في النهار ليوفر لقمة عيش لأسرته البسيطة كان يخرج ليلًا لينفذ عمليات عسكرية ضد أهداف بريطانية وصهيونية، حتى استشهد مطلع عام النكبة 1948م.

وأنجبت زهرة القبرصية من زوجها وهيب خدرج، وهو والد زهرة خدرج الفلسطينية، التي سماها بهذا الاسم تيمنًا بوالدته.

تنقل زهرة الفلسطينية لـ"فلسطين" بعضًا من أقوال جدتها القبرصية حين كانت تتحدث عن زوجها: "إنه سيشفع لي وسأدخل الجنة معه، فأنا ربيت أيتامًا".

لم تكن زهرة القبرصية (توفيت عام 1987م) تسمح لنفسها أن تلفظ اسم زوجها عبد الفتاح، إلا أن تقول: "زلمتي الشهيد الحاج عبد الفتاح".

وتضيف زهرة لـ"فلسطين": كانت جدتي تغرس في هذه الحكايات، وتحكي عن قبرص وبطولات زوجها الشهيد، وكانت تحكي دائمًا أنني سأصبح شيئًا كبيرًا".

وفي عام 1973م سافر وهيب مصطحبًا والدته القبرصية إلى قبرص بعد سنوات طويلة من القطيعة لتزور أهلها، وبعد عناء طويل عرفت أن عائلتها هجرت من جزيرة قبرص اليونانية إلى نظيرتها التركية، حيث شهدت حياتهم بعضًا من الاستقرار.

"عندما ذهبت إلى هناك أرسلت لي روبًا أبيض خاصًّا بالأطباء، وأول ما فتحت عيني على الدنيا كان معلقًا في خزانتها، وكانت تقول لي باستمرار: "شايفة هذا الروب الأبيض، هذا لزهرة لما تصير دكتورة"، وظل موجودًا" والقول لزهرة الفلسطينية.

تتابع: "إن جدتي القبرصية كانت مؤثرة جدًّا في شخصيتي في مرحلة الطفولة، فقد كانت شخصية ملهمة، زرعت بداخلي الهمة العالية، وأصبحت ناجحة في حياتي".

واستطاعت زهرة دراسة بكالوريوس التمريض في جامعة القدس أبو ديس، وكانت تتمنى السفر لدراسة الطب، لكن الظروف المادية لم تسمح بذلك آنذاك.

لكنها تبدو فخورة جدًّا بجدتها القبرصية التي ألهمتها للوصول إلى ما وصلت إليه.

اخبار ذات صلة