وقعت عملية القدس، أمس، رغم إجراءات أمنية إسرائيلية مشددة في المدينة المقدسة، يقدرها مراقبون تحدثوا لصحيفة "فلسطين" بأنها من كبرى العمليات التي نفذت في الآونة الأخيرة.
وأكد المراقبون أن العملية ستثير المزيد من الارتباك في الساحة السياسية والأمنية الإسرائيلية، ولا سيما أنها جاءت بعد فترة جيدة من الهدوء، وتدلل على الفشل الأمني الإسرائيلي، وستكون رافعة للانتفاضة بعد فترة من الهدوء النسبي.
وقتل 4 جنود إسرائيليين، وأصيب 13 آخرون، ظهر أمس، في عملية دهس كبيرة وقعت في مدينة القدس المحتلة، ونفذت عبر شاحنة، قادها الأسير المحرر فادي القنبر من سكان جبل المكبر في القدس المحتلة، والذي أعلن عن استشهاده.
تجاوز التعزيزات
ويقول المراقب للشأن الإسرائيلي هاني أبو سباع، إن العملية تدلل على الفشل الكبير الذي مُني به الاحتلال، لافتا إلى أن شرطة الاحتلال الإسرائيلية قامت بتعزيز تواجدها بثلاثة آلاف شرطي من القوات الخاصة، إضافة إلى نصب كاميرات بأحياء مدينة القدس.
ويضيف أبو سباع لصحيفة "فلسطين": "إن منفذ العملية أسير محرر تأتي عمليته في ظل التضييق على الأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال"، لافتا إلى أن للعملية تداعيات كبيرة وتأتي في ظل تحقيقات مستمرة مع نتنياهو في قضايا تلقي أموال غير مشروعة، كذلك الحديث عن إمكانية تفكك الائتلاف الحكومي.
وذهب للإشارة إلى أن العملية جاءت بعد يومين من إعلان شرطة الاحتلال أن منفذ عملية "حيفا"، الثلاثاء الماضي، وقتل فيها مستوطن إسرائيلي، سلم نفسه.
وهذه العملية، والقول لأبو سباع، "تندرج ضمن العمليات الفردية، وتمثل تحديا للاحتلال باستهداف جنوده، رغم التخطيط الفردي".
الهلع يعود
أما المراقب للشأن الإسرائيلي عماد أبو عواد، فيقول: "إن العملية تعيد للأذهان للمستوى الأمني والسياسي والجماهيري، بأن العمليات الفدائية مستمرة، وتعيد الهلع للمستوطنين الذين باتوا اليوم يشعرون بخوف أكبر، لأنهم يعيشون فترة هدوء ثم تعود العمليات، ولا يستطيعون التأقلم بالعيش".
ويضيف أبو عواد لصحيفة "فلسطين": "منذ بداية عام 2017م حدثت 7 عمليات"، مشيرا إلى أن التقديرات الأمنية تبين أنه كل 40 يوما تحدث عملية تثير ارتباك الساحة الإسرائيلية.
ويبين أن هذه العملية ستخضع المستوى السياسي الإسرائيلي للنقاش حول إن كانت ستدفعهم إلى التوجه " لليمين" أو مزيد من الاستيطان والتهويد كردة فعل قوية، أو الذهاب للخيار الثاني والوسط نحو التفاوض والتسوية الوهمية.
وذهب للإشارة إلى أن 53% من الإسرائيليين يعتقدون أن المستوطنين يسببون لهم المشاكل، مؤكدا أن مثل هذه العمليات لها تأثير كبير على المستوى الأمني وعلى ضرورة الوصول لتفاهمات معينة إما بالانفصال عن الفلسطينيين أو تقليص مساحات معينة، أو حتى إيجاد تيار ثالث يستطيع قيادتهم نحو خيارات أخرى.
كذلك نوه إلى أن هناك 71% من الجمهور الإسرائيلي حسب استطلاعات الرأي، يشعرون بعدم وجود قيادة تستطيع أن تقودهم "لطوق النجاة"، وأن نصف الجمهور يشعر أن مستقبل دولة الكيان لن يكون جيدا، مبينا أن العملية تشير لعمق الأزمة الداخلية الإسرائيلية.
وذكر أنه لو كانت الأوضاع الإقليمية والفلسطينية الداخلية أفضل، لأظهرت أن الاحتلال يمر بظروف أكثر سوءا من الحالية.