يقبل المسلمون على ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان، على اعتبار أنها أرجى ليلة توافق ليلة القدر، التي عظم الله مكانتها وقدرها وأنزل فيها القرآن الكريم، لذلك سميت "القدر".
إن في تحديد أجر هذه الليلة بألف شهر نقطتين، أولًا أن الرقم "1000" هو أكبر ما كانت العرب قد توصلت إليه في لغتهم العددية في ذلك العصر، وكان يطلق عندهم للدلالة على الكثرة والخير الذي لا ينضب، وعلى هذا إن خير هذه الليلة قد لا يتوقف عند 83 عامًا كما يتحدث بعض، أما النقطة الثانية هي أن أعمار الأمة قلما تصل إلى سن "83 عامًا" أو تتجاوزه، وعلى هذا إن القصد هنا أن هذه الليلة هي خير من عمرك كله.
طبيعة ليلة القدر تتوافق هي وطبيعة النفس البشرية، لأنه لو حُددت لاجتهد الناس في تلك الليلة فقط دون غيرها، لكنها أتت غير واضحة لتكون مكافأة فقط للمجتهدين في البحث عن الخلاص، أتت لتجعلك تنتصر على أمراض الكسل والتسويف، أتت لتدفعك إلى تغيير نظام حياتك عشرة أيام بحثًا عن ليلة العمر وفرصة الحياة.
ويحثنا النبي (صلى الله عليه وسلم) على البحث عنها بتوجيهه "أن تحروْها"، فهل التحري يكون في السماء أو في أصوات بعض الدواب أو في نشرات الأخبار؟، قطعًا لا، إن التحري الحقيقي هو في النفس، ثمة شيء هذه الليلة سيقول لك من داخلك: إنها هي، فاختر قدرك في هذه الليلة كما تحب أن تكون، وأطلق العنان لدعواتك واستغاثاتك وأمانيك، وعلى الله تلبية الأمنيات، ولو بعد حين.