حين زار الرئيس الأميركي جيمي كارتر غزة قبل سنوات، والتقى رئيس الوزراء إسماعيل هنية اقترح عليه شرطا واحدا لرفع الحصار عن غزة، وقال كل ما أريده هو وقف العنف ، أي المقاومة، ويومها اعتبر شروط الرباعية الأخرى متهافتة، وليست مهمة ، لأنها ليست بذات صلة، وقال إنني أستطيع عندها تسويق حماس عند الرئيس أوباما، ومن ثمة رفع الحصار، وقال إن ما أقوله لكم يمثل رأي الديمقراطيين في أميركا.
اليوم وعلى ضوء أحداث مسيرة العودة الكبرى على السياج الحدودي مع غزة يعيد يوسي بيلين وهو من مهندسي اتفاقية أوسلو ما اقترحه الرئيس جيمي كارتر، حيث يطلب من حماس أن تنبذ العنف (أي المقاومة)، وعندها تقوم دولته بفتح حوار فوري معها حول التهدئة ووقف إطلاق النار لعدة سنوات، وقال لا يجب على حماس أن تعترف (بإسرائيل)، ولا أن تعترف بالاتفاقيات السابقة. ثم قال: لقد كانت هناك بالفعل عدة محاولات للتقدم نحو هذه التهدئة، وليس هناك سبب لعدم تجديدها في أقرب وقت ممكن.
حماس تتشكك عادة في مثل هذه الدعوات، وترى أنها تستدرجها إلى بيت المفاوضات كما استدرجت فتح ومنظمة التحرير إلى اتفاقية أوسلو والمفاوضات العقيمة بعد ذلك؟! حماس لم تحمل هذه الدعوات محمل الجد، وظلت بعيدة عنها، خشية أن تفقد ما يميزها عن عباس والسلطة . السلطة التي أدركت موقف حماس ، رفعت سقف مطالبها من حماس، وعاقبت غزة، وطلبت منها نفس شرط كارتر، وبيلين؟!
في تصريح لموسى أبو مرزوق القيادي في حماس نفى فيه حرمة المفاوضات مع العدو من الناحية الشرعية، وقال إن حماس ترفض المفاوضات مع العدو المحتل من وجهة سياسية، لاسيما بعد أن عايش الشعب الفلسطيني فشل تجربة فتح ومنظمة التحرير .
إن من فشل في حمل المشروع الوطني من خلال المفاوضات هو من يعاقب غزة وحماس والمقاومة، ويطالبها بتسليم سلاحها، مقابل الماء والكهرباء والرواتب؟! عباس يريد أن يتمكن من ذبح غزة وإذلالها كما يفعل بالضفة، في مقابل رواتب بعض الموظفين؟! حتى تكاثرت الأصوات التي تطالب حماس بالقفز عن محمود عباس وسلطته، واستعادة المعابر، والكلام مع المجتمع الدولي بشكل مباشر. عباس يريد مصادرة سلاح المقاومة، بينما صرحت مصادر عبرية مسئوله أن سلاح غزة لم يعد شرطا لوقف إطلاق النار.
إن من أهم إنجازات مسيرات العودة الكبرى ورفع الحصار أنها أيقظت العالم على حقيقة الأوضاع في غزة، ودفعت أميركا الظالمة لتقديم حلول لمشاكل غزة الإنسانية، حتى لا ينفجر السكان في وجه ( إسرائيل) من خلال تداعيات مسيرات العودة ورفع الحصار.