اعتاد الاحتلال الإسرائيلي خلال الأشهر الأخيرة وتحديدًا في الربع الأخير من عام 2016, أن يدّعي تراجعًا كبيرًا في عمليات الانتفاضة وتركزها في الضفة الغربية، لكن بداية عام 2017 جاءت لتفضح كذبهم وتكشف ضعفهم، حيث نفذ الشهيد فادي القنبر عمليته الفدائية ضد تجمع من جنود الاحتلال في القدس المحتلة، حيث كان يستعد الجنود للصعود على الحافلة في طريقهم إلى الضفة الغربية وحدود قطاع غزة، للقيام بعمليات لجيش الاحتلال تتضمن عمليات اغتيال وقتل وهدم المنازل وحماية المستوطنات.
بينما يغرق نتنياهو في قضايا الفساد والتحقيقات حول التدخل في الشأن البريطاني تأتي العملية لتضيف ملفًا جديدًا من الفشل وهو أن الانتفاضة ما زالت مشتعلة، بل بشكل مختلف وأكثر خطورة، وفي مدينة القدس، لذلك فإن عملية القدس نقلة نوعية في العمل المقاوم مع بداية عام 2017، من حيث التنفيذ والعدد الكبير نوعًا ما في عدد القتلى "الأربعة" وعشرات الجرحى، ووقوعها في القدس المحتلة، ومن قبل أسير محرر.
فشل الإنذارات الأمنية حو وقوع عمليات في الضفة الغربية، وهو ما يميز انتفاضة القدس الحالية, حيث إن غالبية العمليات التي تمت لم يكن يملك الاحتلال أي معلومات قبل وقوعها، ما يربك الأجهزة الأمنية وخاصة أن هوية المنفذين يفترض أن تكون تحت المتابعة.
الأكثر فشلًا في هذه العملية هي صور عشرات الجنود وهم يهربون أمام الشاحنة، على غرار ما حدث في عملية القدس قبل عام وقتل فيها مستوطن إثيوبي بدلًا من المنفذ، وكذلك أن المنفذ مقدسي حيث الأجهزة الأمنية تنتشر على مدار الساعة، وأن المنفذ بادر وجهز نفسه من ماله الخاص ولم يتردد في تنفيذ العملية، خاصة أن كل مواطن مقدسي أصبح يدرك أنه بحاجة إلى أن يبادر لذلك قبل أن يقوم جنود الاحتلال بقتله بدم بارد كما يحدث باستمرار من جنود الاحتلال على أبواب المسجد الأقصى أو الحواجز.
تفوق فادي على جنود الاحتلال عندما اختار الجنود لقتلهم بدلًا من استهداف النساء والأطفال الذين كان يمكن الوصول لهم بسهولة والتقليل من فرص إصابته, لكنه اختار أخلاق المقاومة باستهداف الجنود بكل شجاعة ولو كان الثمن الإسراع باستهدافه، ليثبت للجميع أخلاق المقاومين.
يمكن أن تسعى حكومة الاحتلال وتحديدًا رئيس الحكومة إلى الهروب للأمام عبر عمليات تستهدف الفلسطينيين بهدف التضليل وحرف الأنظار عن التحقيقات التي تجري ضده بسبب ملفات الفساد، وهو ما تلجأ له حكومة الاحتلال باستمرار للهروب من أزماته، لكن هذا لن يغير من حقيقة الأمر بأن روح المقاومة ما زالت مشتعلة وأن انتفاضة القدس مستمرة ومتواصلة في عام 2017.