يتجول نتنياهو في أوروبا لتسويق الرواية الإسرائيلية ومحاولة ترميم صورة كيانه السوداء في أوروبا بعد المجازر التي يرتكبها قناصته على حدود غزة، بقوله إنهم (المتظاهرين) يحرقون حقولنا ويحاولون اختراق الأسوار، بينما تنتشر النار في محيط غزة بفعل الأطباق الطائرة الحارقة التي يطلقها الشبان المتظاهرون على حدود غزة، بعيدًا عن أنظار القناصة الذين قتلوا ما يزيد عن 123 متظاهرًا بينهم أطفال ونساء. الشباب المتظاهر لجأ لوسيلة سلمية مؤلمة للاحتلال وللمستوطنين بالقرب من غزة، في محاولة لتقليل عمليات القنص التي يقوم بها الجنود، وكذلك الاعتماد على عمليات التسلل والإضرار بالمواقع العسكرية التي يستخدمها القناصة ضدهم، ونشر الفيديوهات التي تظهر هشاشة الأجهزة الأمنية التي تتسلح بالقنص والقتل في مواجهة الشبان العزل. هذا الأسبوع هو الأكثر إيلامًا للمستوطنين في محيط عزة، حيث تنتشر ألسنة النار في كل مكان ويفقد السيطرة عليها، وتزداد يومًا بعد يوم، مما دعا الكثير من قادة الأحزاب والمستوطنين لمهاجمة نتنياهو وليبرمان ووصفهما بالفشل في مواجهة المتظاهرين، والتحريض على غزة. تشعر حكومة نتنياهو بالعجز عن مواجهتها، بعد فشل الأساليب التكنولوجية في الحد منها، ولجأت إلى قرار غريب وهو خصم تعويضات المستوطنين من المقاصة للضرائب بين السلطة والاحتلال، وهو لا يدرك أن قراره لا يعني هؤلاء الشبان شيئًا، وجزء من غضبهم وسبب خروجهم هو استمرار الحصار الذي تشارك فيه السلطة. الإبداع الشبابي في مواجهة الجيش على حدود غزة واستخدام أساليب سلمية تؤلم الاحتلال وتظهر فشله، وتفضح عنصريته وعمليات القتل التي ارتكبها ضد المتظاهرين، ولا يستبعد أن يلجأ الاحتلال إلى العمل العسكري في مواجهة هؤلاء الشبان عن بعد، لكن ذلك قد يجلب مواجهة عسكرية أو تصعيد لا يرغب به الاحتلال، كما حدث الأسبوع الماضي، الذي كادت أن تخرج فيه الأمور عن السيطرة، وخاصة في حال إيقاع خسائر بشرية، وخاصة أن المقاومة تقف له بالمرصاد ووجهت له لطمة لم يتعافَ منها. ينطلق الشبان في سلميتهم من أن الأراضي التي تم حرقها هي أراضيهم المحتلة، وعلى بعد النظر يزرعها المستوطنون ويجنون ثمارها بينما يُحرم أهلها الأصليون منها، ويتم قتلهم في حال اقترابهم منها، حقّ لهم أن يحرقوها لإبعاد المستوطنين عنها وإجبارهم على تركها وهجرها، وهو ما قد يمتد لأشهر وهو ما يمكن أن يسمى انتفاضة الحرائق على غرار انتفاضة الحجارة. إعلان وزير الأمن الداخلي عن قرارات اتخذت في الاجتماع الأخير للمجلس المصغر للتعامل مع الأطباق الطائرة ولم يفصح عن طبيعتها لكنها تحمل مضامين تهديد، والأكثر وضوحًا التي صدرت عن وزير الجيش ليبرمان باستهداف قيادات حماس ومطلقي الأطباق الطائرة، يدعو للحذر من إقدام الاحتلال على ارتكاب جرائم جديدة بحق هؤلاء الشبان، والذهاب نحو موجة جديدة من التصعيد على غرار الماضية مع رفع المستوى بشكل أعلى، لكن الانتظار لحين عودته ونتنياهو من أوروبا، حيث ينتظرهم سيل من الانتقادات حول فشلهم في التعامل مع غزة وكذلك الفشل في تنظيم المباراة بين إسرائيل والأرجنتين في القدس، والمقابل يتجهز الشبان لجمعة القدس التي يتوقع أن تكون أكثر سخونة ومزيد من الأطباق الطائرة.