حين نتحدث عن هرولة الخليج نحو التطبيع مع دولة العدو والاحتلال، ينبغي أن نستثني دولة الكويت التي تعتمد سياسة خارجية متوازنة ومحسوبة. الكويت كانت مؤيدة لمقاومة الشعب الفلسطيني، وما زالت كذلك. الكويت لم تتورط في وضع الإخوان وحماس على قائمة الإرهاب. الكويت لا تعاني من فوبيا الإسلام والحركات الإسلامية. وهي فيما يبدو لي لا تعاني من فوبيا إيران، وما زالت إسرائيل هي العدو الأول في أجندتها.
الكويت لم تشارك في حصار قطر، ولم تشارك في الحرب على اليمن، ولم تشارك في مناهضة تركيا والتآمر عليها، ولم تشارك في الصراع الدائر في ليبيا. الكويت تقيم علاقات جيدة مع جميع الأطراف العربية والإقليمية، وهي لذلك تستحق الشكر على الحكمة في سياستها الخارجية، وتستحق الشكر من الفلسطينيين والعرب لموقفها القومي المشرِّف في مجلس الأمن، حيث أحبطت المشروع الأميركي القاضي بإدانة المقاومة في غزة. وحيث ناضلت من أجل توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني.
في الكويت ممارسة ديمقراطية متقدمة، لم تحظَ بمثلها دول الخليج الأخرى، هذه الحالة الديمقراطية ساعدت الكويت في إقامة سياسة خارجية حكيمة ومتوازنة، وجعلتها من الدول العربية الأفضل في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية، وعن حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال، ولم نشهد منها هرولة نحو التطبيع مع الاحتلال.
الكويت فيما يبدو هي من أكثر دول الخليج تفهمًا لمعنى الاحتلال، نتيجة تجربتها الخاصة، لذا تجدها الأقدر خليجيًّا على تفهّم مشكلة الفلسطينيين مع الاحتلال الصهيوني، والأكثر تفهمًّا للحق الوطني في المقاومة رغم الاختلال في موازين القوة.
الفلسطينيون يحترمون الكويت وسياستها العروبية، وهذا لا يعني أن الفلسطينيين يعادون دول الخليج الأخرى، بل بالعكس، الفلسطينيون يحترمون دول الخليج والمملكة، ولكنهم يرفضون هرولة بعضهم نحو (إسرائيل)، ويرفضون الأصوات المعادية للفلسطينيين على الهوية، ويرفضون وضع الفلسطينيين في سلة إيران، ويرفضون الأصوات الربوية التي تمن على الفلسطيينين بالمساعدات التي قدمت لهم، حتى ذهبت بعض الصحف لإحصائها وحصرها تاريخيًّا منذ حكم الملك عبد العزيز وحتى الملك سلمان؟! الفلسطينيون بحكم قضيتهم في حاجة للخليج، ولإيران، ولتركيا، ويسعدهم أن تجتمع الدول العربية والإسلامية معًا على نصرة قضيتهم، ونصرة قضايا العرب والمسلمين.