المسعفة الشهيدة رزان النجار لخّصت الحالة السياسية الفلسطينية في كلمات ومنشورات قليلة وبسيطة ومباشرة، تعبر فيها عن حالنا الوطني، في كلماتها وفي حالها وواقعها، فكتبت منشورا تقول فيه: "راجع ومش متراجع، وارشقني برصاصك ومش خايف، وأنا كل يوم هأكون بأرضي سلمي وبأهلي حاشد".
في جمعة من غزة إلى حيفا خرجت رزان وأوفت بالعهد والوعد، ذات الـ21 ربيعًا، ولم تفكر كثيرًا وحسمت أمرها بخلاف الكثيرين المترددين بين المشاريع السياسية، وكتبت رزان الرواية بدمها، وروحها، التي قالت سابقًا إنها تذهب للمطالبة بحقها وأنها بدأت ولن تتراجع، وهو حال كل زملائها ومسيرة الزميل الصحفي ياسر مرتجى الذي استشهد في نفس المكان، لتنتقل الوصية من جديد، وعنوان التمسك بحق العودة، وهي الرسالة الأسمى في الحراك الشعبي الأكبر خلال العقدين الأخيرين في مواجهة مشاريع التصفية السياسية للقضية الفلسطينية والتي كان آخرها صفقة القرن.
رزان أوصلت رسالتها بالدم ودافعت عن مسيرات العودة بقولها "لكل الناس اللي بتزاود على مسيرة العودة وسلاح المقاومة وعلى الطواقم الطبية والصحافة احنا بنروح ع السلك بدون ما حد يجبرنا ولما يصير علينا اشي احنا بنتحمل الوجع مش انتو لهيك كل واحد بحكي ع الشباب اللى بتتصاوب وبتستشهد ع السلك يسكت".
بكلماتها القليلة ـرست رزان قولًا وفعلًا ممهورا بالدم مسيرة ما يزيد على 120 شهيدا وآلاف الجرحى وأغلقت الباب أمام مشاريع التسوية التي حاول البعض إنعاشها من جديد، وحاول اللمز والغمز في مسيرات العودة وشهدائها، فكانت رزان لهم بالمرصاد وكشفت الأكاذيب وفضحت ألاعيب البعض، وكشفت سوأة الاحتلال الذي يمارس الأكاذيب والتضليل ضد هؤلاء الشبان.
من كان في الميدان يدرك عمق كلمات رزان، ويعرف أن هؤلاء الشبان يقاتلون عن حقهم في كسر الحصار والعودة، وإحياء القضية الوطنية، ولا يرغبون بغير ذلك، وهو السبيل لاستعادة أحلامهم التي قتلها الحصار، والفقر والبطالة والاحتلال والإجراءات العقابية التي يمارسها رئيس السلطة تجاه هؤلاء الشبان وعائلاتهم، وصمت المجتمع الدولي تجاه تلك الجرائم.
ذهبت رزان إلى العلياء ترفع الهامة عاليا بما فعلت من عمل إنساني، وتدعو على قاتلها المجرم، ومن ساعد أو ساهم في حصارها، لكن خلفها شبانا يحملون الرسالة والحلم ويتمسكون به وبتحقيقه، وهم أكثر إصراراً بعد ارتقاء رزان.