إن من جملة مسائل التقوى التي يحض عليها الصيام: أن يشعر الغني بحال الفقير، وكيف يعاني الجوع والحاجة.. فهل نشعر بالفقراء في رمضان أم لا؟
وجب التنبيه بداية بأن الشعور بالفقراء ليس مقصد الصيام الأساس _كما يروج البعض_، فالمقصد الأساس هو "التقوى"، والتقوى تعم المجتمع كما تخص الفرد.. وإلا لكان هناك تساؤل مشروع وهو: لماذا يصوم الفقراء إذن؟!
دعونا نلقي نظرة على موائد إفطارنا المتخمة بأصناف الطعام والمقبلات والشوربات والحلويات والعصائر..إلخ، هل تعكس هذه المائدة شعورنا بالفقراء وحالهم؟
وحتى في ظل الوضع الاقتصادي المتردي في غزة، فالحركة الشرائية تزداد في شهر رمضان، ويزداد إقبال الناس على الأسواق، بل إنهم يشترون أصنافًا لا يكون لها داعٍ في كثير من الأحيان.. وهذه الصورة أيضًا لا تعكس إحساسًا بحال الفقراء.
إن الفرحة التي من المفترض أن تغمر الفقراء لقدوم شهر رمضان، تغدو سرابًا بمجرد رؤيتهم للحال الرمضانية التي يغرق فيها الأغنياء وميسرو الحال من المسلمين، والذين انصرفوا عنهم تحت إلحاح المعدة التي لم تعتدْ على أن تحس بجوع الفقير.
إن شعور الغني بالفقير، لا يعني أن "تقرصه معدته" من قلة الطعام أو "ينشف ريقه" من شح السوائل، إن الشعور الحقيقي يكون في أن يتفقد كلَ يوم حال الفقراء، وأن يتحسس جوعهم ويسده ما استطاع.. إن الشعور الحقيقي هو أن نجلس مع أبنائنا في رمضان على مائدة إفطار غير متخمة!