فلسطين أون لاين

اقتحام العقبات السياسية؛ قد يحلها..!

(1)

في خطوة مفاجئة لدى الكثير من المراقبين تخطوها حركة حماس ومعها حركة الجهاد الإسلامي بالاستجابة للدعوة الموجّهة لهما من السيد سليم الزعنون بصفته رئيس المجلس الوطني، بالمشاركة في اللجنة التحضيرية المنوي انعقادها في بيروت بشأن الترتيب لانعقاد المجلس الوطني بعد انقطاع في جلساته اقترب من العقدين.

وبرسم السؤال، ما الذي تغيّر وقد أصرّت الحركتان من قبل بضرورة تغيير ميثاق المنظمة وفقًا لرؤيتهما السياسية المستندة لأيدولوجيتهما الفكرية للحل؛ وغير ذلك من التمثيل المعتبر؛ ليتسنى لهما الدخول في منظمة التحرير الفلسطينية عبر بوابتها الرئيسة (المجلس الوطني)؛ فتتمثلان في هذه الهيئة الاعتبارية السيادية الفلسطينية.

وقد حظيت المنظمة في مؤتمر الرباط عام 1974 بقرار جامعة الدول العربية، بأنّها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني..؟

(2)

الحقيقة أنّ شيئًا يُذكر لم يتغير من موقف المنظمة وقيادتها تجاه مطالب الحركتين، بل الاستجابة للدعوة يعدّه مطلعون بأنه تجاوز لتفاهمات القاهرة 2005، والتي على أساسها شاركت حماس في الانتخابات المحلية والتشريعية، وقد تم الاتفاق فيها على تشكيل إطار قيادي مؤقت لمنظمة التحرير والذي يضم كل الكتل والفصائل الوطنية الفلسطينية، بل وفي الاستجابة للدعوة تجاوز كذلك لوثيقة الأسرى عام 2006 والتي أعيدت صياغتها لتكون وثيقة الإجماع الوطني..

إذا كان لم يتغير الموقف الذي ما زال ممسكًا به عباس كرئيس للجنة التنفيذية والمجلس المركزي والسلطة الفلسطينية، فما الذي دفع الحركتان (حماس والجهاد) لتغيير موقفهما بهذه الدراماتيكية وتعاطيهما البراغماتي تجاه قضية كانت تعدّ إحدى العقد السياسية الداخلية المستعصية..؟!

نعم، الذي حدا بحركتي حماس والجهاد الإسلامي لأخذ هذا الموقف الإيجابي من الاستجابة للدعوة إدراكهما أنّ متغيرات كبيرة قد حدثت في الساحة الدولية ولا سيما للاعب الروسي الذي وجدناه يوجه دعوة مباشرة للفصائل الفلسطينية إلى موسكو لإنجاز المصالحة الوطنية.

وكذلك الساحة الإقليمية وقد تغيرت بشكل جوهري ليصبح متناقضًا حتى في إطاره الرسمي تجاه الموقف من القيادة الفلسطينية بين تيارين بارزين، الأول منهما تتزعمه مصر والإمارات وهو يدفع باتجاه النائب محمد دحلان، ويمهد الطريق نحو تصدير هذا القيادي المطرود فعليًا من حركة فتح، ولم يعد يمثل شيئًا فيها بعد المؤتمر السابع للحركة الذي انعقد في رام الله بدعم وإسناد عربي رسمي كذلك.

فلم يخفِ أنّه دُعم من دولة قطر بشكل أساس ومباشر, وهي الدولة العربية التي ما زالت تتزعم دعم وإسناد التيار الثاني الذي يعدّ تيار الشرعية (عباس) بإسناد من دول إقليمية وازنة.

وأنّ ما يُعطي لقطر دورًا فاعلًا ومعتبرًا بحيث لا يمكن تجاوزه، أنّها حاضنة لقيادة حركة حماس السياسية في الخارج وأنّ لها فضلا في كثير من المشاريع العمرانية في غزة خففت فيها كثيرًا من غلواء الحصار وشدته.

(3)

وبالحديث المباشر عن الدور المتعارض بين موقفين رسميين عربيين تجاه تيارين متناقضين داخل الإطار الفتحاوي الذي يحتكر لما يقرب من خمسة عقود قيادة منظمة التحرير الفلسطينية..

في الوقت الذي لم تدخل أبرز حركتين مقاومتين حماس والجهاد الإسلامي هذا الإطار من قبل، ولم تتمثلا فيه بشكل رسمي، فيما أصبحتا تمثلان خارج هذا الإطار قوة حضور وفاعلية على الساحة الفلسطينية كبيرة ومتعاظمة.

ولعلّ أول ما كشف قوة هذا الحضور الفوز الساحق الذي حققته حماس في الانتخابات المحلية وما أعقبها من فوز كبير جدًا في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني في أول انتخابات تدخل فيها حركة حماس بكتلة تدعمها مباشرة.

فكان لهذا الفوز الذي تجاوزت به حماس هيمنة فتح بل كسرت احتكارها لقيادة السلطة الوطنية، وزاد أكثر من القناعة بعدم تجاوزها صمودها في مواجهة الحصار والتخفيف منه، وكذلك قوة عزيمتها مع الفصائل المقاومة الأخرى في التصدي للعدوان الصهيوني ولا سيما في حروبه العدوانية الثلاث الكبرى..

فهذا وغيره ما جعل قيادة حماس والجهاد تخرج من شرنقة الخوف من الاستحواذ عليهما واستيعابهما في منظومة تصرفهما عن توجهاتها وقناعاتهما إلى غير الوجهة التي يريدون..؛ وذلك على أرضية أنّ الأرنب لا يمكن أن يبتلع فيلًا!

(4)

ليس أمام حماس والجهاد الإسلامي إلا أن تقتحما العقبات السياسية متحديتان ومتوحدتان؛ لضرورة استنقاذ الحالة الوطنية من الغثائية التي أضرّت بقضيتنا العادلة، وانحدرت بها إلى مستوى من الارتزاق المهين.

فالشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده ما زال يرمق الأمل بوحدة وطنية فلسطينية لكل فصائله وتياراته؛ لينهي عقودًا من العبث بجهاده وتضحياته التي لم يُحتفل بها، بل تمّ نبذها ووصمها بالإرهاب لقاء دريهمات يجمعها المحتل من أموالنا؛ ليعطي جزءًا منها لهؤلاء المتهالكين لتحصيل بطاقات V.I.P))، والوكالات الحصرية والاستثمارات الشخصية.

[email protected]