تنتظر المواطنة أم أحمد عايش (29 عامًا) وهي ربّة منزل، لحظة قدوم التيار الكهربائي بشغف، بعد الانقطاع الطويل الذي يتجاوز الـ 17 ساعة يوميًا، من أجل إنجاز الأعمال المنزلية المطلوبة منها.
وتشتد معاناة عايش أكثر، مع ازدياد ساعات قطع الكهرباء، خاصة في شهر رمضان، الأمر الذي يثقل كاهلها، ويزيد من الأعباء الملقاة على عاتقها، سيّما أنها تحاول أن تأقلم أعمالها مع قدوم الكهرباء.
وتحكي عايش لمراسل "فلسطين"، المعاناة التي تعيشها، جراء زيادة ساعات انقطاع الكهرباء، قائلةً: "قطع الكهرباء أفسد حياة المواطنين، وغيّر نمط حياتهم".
وتقول: "عندما تأتي الكهرباء للمنزل لساعات محدودة، يتحول البيت ورشة عمل جديدة في منتصف الليل، لإنجاز بعض الأعمال المنزلية مثل الغسيل والتنظيف وغيرها".
وتروي أن زيادة انقطاع الكهرباء خاصة في رمضان، أثر سلبًا على تخزين الطعام في الثلاجة، ما يؤدي إلى تلفه، والاضطرار في بعض الأحيان لعدم استخدامه والاستفادة منه.
وتفاقمت أزمة الكهرباء في قطاع غزة مؤخرًا، حيث وصلت ساعات وصلها في أحسن الأحوال إلى 4 ساعات، في حين يصل انقطاعها إلى أكثر من 17 ساعة يوميًّا.
حال المواطنة عايش ينطبق على آلاف المواطنين والعائلات في قطاع غزة، فهنا عائلة المواطن أبو صلاح عبد الهادي (38 عامًا)، الذي ينقلب الليل إلى نهار، لحظة قدوم الكهرباء، وفق وصفه.
فحين قدوم الكهرباء بعد انقطاع لساعات طويلة، تبدأ عائلة عبد الهادي رحلة المشقة والمعاناة في المنزل، دون الاكتراث لساعات منتصف الليل؛ فالأم تنشغل في أعمال المنزل، فيما ينهمك هو بشحن البطاريات الخاصة بالإنارة والجوالات، وغيرها من الأمور الأخرى.
ويصف عبد الهادي خلال حديثه مع "فلسطين"، حياة عائلته في ظل اشتداد أزمة الكهرباء، بالواقع "المرير الذي أضاف معاناة فوق المعاناة التي تعصف بهم".
ويقول: إن "انتظار الكهرباء لساعات طويلة، من أجل إنجاز أبسط الأشياء في المنزل، أصبح كابوسًا يلاحق العائلة طيلة اليوم"، مشيرًا إلى أنه يضطر لإنجاز بعض الأعمال على "كشاف الجوال".
ويضيف أن "الساعات القليلة التي نرى فيها الكهرباء، لا تكفي لشحن البطارية التي تخفف قليلًا عنا من معاناة انقطاع التيار الكهرباء لوقت طويل".
ويروي عبد الهادي الذي يعيل أسرة مكونة من ثلاثة أفراد، أن زوجته تعاني كثيرًا في إنجاز أعمالها المنزلية وتحضير طعام السحور والإفطار في غالبية أيام شهر رمضان.
ولم يختلف حال المواطن أكرم سميح (30 عامًا) عن سابقه، فكلاهما يتجرّع من ذات كأس المعاناة، حيث يصف واقع عائلته بـ"الصعب جدًا والمؤلم خاصة في شهر رمضان المبارك".
ويؤكد سميح أن زيادة ساعات قطع الكهرباء، يؤثر في كل مناحي الحياة المعيشية، مستحضرًا معاناة طلبة الثانوية العامة الذين يتقدمون لامتحاناتهم النهائية في هذه الأيام: "انقطاع الكهرباء دفع الطلبة يفكرون في تحديد مواعيد دراستهم مع قرب وصل الكهرباء".
ويتابع: "أصبحنا ننتظر موعد وصل الكهرباء، من أجل الإسراع في الأعمال البيتية"، مكتفيًا بعبارة: "أصبح ليلنا نهارًا بسبب قطع الكهرباء"، وفق وصفه.
لا جدول
وكانت شركة توزيع الكهرباء في محافظات غزة، أعلنت عن تشغيل مولد واحد في محطة توليد الكهرباء الرئيسة من سلطة الطاقة والموارد الطبيعية لسد العجز الحاصل نتيجة تعطل خطوط مغذية من الجانب الإسرائيلي.
وأرجع مدير دائرة العلاقات العامة والإعلام في الشركة محمد ثابت، سبب العجز الكبير في الكهرباء المستلمة بتعطل خطي رقم 11 و8 المغذيين لمحافظة خان يونس وخط رقم 7 المغذي للمحافظة الوسطى.
وقال ثابت، في تصريح: "من أجل سد هذا العجز تم تشغيل مولد في المحطة"، مشيرًا إلى أنه لا جدول واضح للكهرباء حاليًا، بسبب الإرباك الكبير.
ولفت إلى أن الخطوط الإسرائيلية تعمل بقدرة 84 ميجا وات ومحطة التوليد 16 ميجا وات، فيما لا تزال الخطوط المصرية معطلة.