قائمة الموقع

هاجس كبير بين الغزيين إزاء تصريحات إسرائيلية تعكس تهجيرًا دائمًا

2025-12-22T07:29:00+02:00
الخط الأصفر.. شريط الموت الذي يعزل سكان غزة عن بيوتهم
فلسطين أون لاين

يساور القلق فؤاد النباهين النازح قسرا منذ بداية الإبادة الجماعية إلى مركز إيواء يتبع لوكالة "أونروا" في مخيم النصيرات وسط القطاع، خشية فرض جيش الاحتلال الإسرائيلي "واقعا جديدا" عبر "الخط الأصفر" الذي اقتطع بالكامل بلدته (جحر الديك) ومسكنه القديم.

يدور في ذهن النباهين (60 عاما) الذي نزح عدة مرات من بلدته جحر الديك (وسط) خلال الحروب الإسرائيلية السابقة على غزة، توجسات كبيرة خشية ديمومة هذا التهجير القسري وتحوله إلى إقامة دائمة.

يقول بعدما أنهكته حياة النزوح المستمرة حتى اللحظة: لقد عايشت حروبا طويلة، لكن هذه الإبادة الجماعية أصعب وأثقل مرحلة يعيشها الفلسطيني عبر مراحل التاريخ والصراع مع الاحتلال.

في بداية الحرب أكتوبر/ تشرين أول 2023 اعتقد الأب لشهيد وحفيدين من الشهداء أن النزوح القسري سيستغرق عدة أسابيع أو شهور، دون أن يدرك في الحسبان أنه سيستمر لأزيد عن عامين وتفقد خلالهما عائلته جميع منازلها ومصالحها التجارية.

ولسنوات طويلة، عمل النباهين داخل بلدته في تربية المواشي والزراعة برفقة أبنائه وأحفاده، لكن اليوم بعد "الخط الأصفر" لا يرى موعدا للعودة للبلدة المحاذية للسياج الفاصل بين غزة والأراضي المحتلة عام 48م.

وزاد الهاجس في قلبه وعقله إزاء تصريحات جديدة لرئيس أركان الجيش إيال زامير بأن "الخط الأصفر" يُمثل "الحدود الجديدة" بين غزة والأراضي المحتلة عام 48.

وتأتي تصريحات "زامير" على خلاف خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي تتطلب انسحاب إسرائيلي من هذا الخط في المرحلة الثانية للاتفاق الذي وقع برعاية الوسطاء (مصر، تركيا، قطر)، مقابل نشر قوة دولية للاستقرار.

و"الخط الأصفر" أقامه جيش الاحتلال بعد اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر/ تشرين أول الماضي وهو عبارة عن كتلا اسمنتية صفراء تعلوها لافتات تحذر المواطنين من الاقتراب منه أو العودة للبلدات والأحياء السكنية التي تقع خلفها والتي تمتد على طول الحدود الشمالية والشرقية والجنوبية لغزة.

وتقدر تلك المساحة التي اقتطعها "الخط الأصفر" بأكثر من 53% من المساحة الإجمالية للقطاع البالغة 365 كيلومترًا مربعًا.

ويحرم هذا "الخط الأصفر" المزارع سليمان حمد من العودة لأرضه الزراعية التي تقدرها مساحتها بـ 3 دونمات زراعية في بلدة بيت حانون شمال القطاع.

يقول حمد (55 عاما) وهو مزارع على مدار عقود طويلة، في كل مرة نعود للبلدة ونعمر منازلها ونعيد الزراعية لأراضيها، لكن الاحتلال حاليا يحاول فرض "واقع جديد" يسرق نصف مساحة غزة ويحرمها من أراضيها الزراعية وأماكنها الصناعية والتجارية.

يضيف: "المنزل والأرض .. لقد دمرت هذه الإبادة ما يملكه الإنسان طوال حياته"، مشيرا إلى أنه استبشرا خيرا باتفاق وقف إطلاق النار والأمل بالعودة لمنزله وأرضه عبر المرحلة الثانية من الاتفاق.

وتحدث بشوق ولهفة للحظة عودته لأرضه الزراعية التي يقسم يقينا بربه أن يعود لزراعته، وأن تجود بخيراتها على السوق المحلي كسابق عهدها خلال العقود الماضية.

لكن ثمة قلق يساور قلبه بعد تصريحات "زامير" وغيره من المسؤولين الإسرائيليين التي تنذر بتهجير قسري دائم للغزيين داخل القطاع.

ولا يحرم "الخط الأصفر" أصحاب الأراضي الزراعية والمشاريع الحيوانية فقط من العودة بل يحرم جميع سكان تلك المناطق التي يقدر عددهم بنحو مليون مواطن يعيشون حياة النزوح قسرا في المناطق السكنية الواقع خلف ذاك الخط الذي قسم القطاع إلى نصفين.

وبحسب معطيات حكومية يقتطع "الخط الأصفر" مساحات جديدة يوما بعد آخر خلال عمليات برية لجيش الاحتلال بين الحين والآخر، ويسيطر كليا على مدينة رفح والبلدات الواقعة شرق خان يونس، وأطراف وسط القطاع، كما يقتطع أحياء الشجاعية والتفاح جزء كبير من حي الزيتون إلى جانب بلدات شمال القطاع وأجزاء أخرى.

تهجير قسري

ووصف مدير المكتب الإعلامي الحكومي إسماعيل الثوابتة، "الخط الأصفر" بأنه محاولة إسرائيلية جديدة لفرض التهجير القسري وفرض مناطق عازلة بالقوة النارية داخل القطاع.

وأوضح الثوابتة في حديثه لـ "فلسطين أون لاين" أن "الخط الأصفر" هو "خطا افتراضيا" لتحديد أماكن انسحاب جيش الاحتلال في الاتفاق الذي وقع في مدينة شرم الشيخ المصرية، لكن الاحتلال حوّله لـ"واقعا جديدا" عبر وضع كتل اسمنتية صفراء كبيرة.

وذكر أنه الجيش عمد خلال الأسابيع الماضية على توسعة تلك المناطق المشمولة داخل "الخط الأصفر" وهو ما يحرم أكثر من مليون مواطن من العودة لمنازلهم وبلداتهم وأحيائهم السكنية المدمرة إلى جانب إطالة أمد المعاناة؛ بسبب توقف برامج الإغاثة وإعاقة إعادة الإعمار وإحياء الأراضي الزراعية ومشاريع التربية الحيوانية.

وأشار إلى أنه رغم اتفاق وقف إطلاق النار إلا أن جيش الاحتلال قتل العديد من المواطنين الذين يسكنون في منازل قريبة من هذا الخط أو الذين حاولوا تفقد منازلهم أو أخذ بعض المستلزمات والأغراض للحماية من البرد والأمطار في أماكن نزوحهم.

وأكد الثوابتة أن المسؤولية الأكبر تقع على عاتق الوسطاء بإلزام الاحتلال ببنود الاتفاق ومراحله والعمل على عودته الحياة وبدء برامج التعافي وإعادة الإعمار للقطاع الذي شهد إبادة إسرائيلية غير مسبوقة في العصر الحديث.

وبحسب رصد حركة حماس فإن الاحتلال ارتكب 813 خرقا لاتفاق وقف إطلاق النار بمعدل 25 خرقا يوميا، مؤكدة أن الاحتلال يستغل مناطق "الخط الأصفر" لقتل المواطنين.

وأكدت أن الخروقات تشمل نسف 145 منزلا ومنشأة داخل "الخط الأصفر" بهدف تحويل المناطق إلى أراض صحراوية ومنع عودة السكان مستقبلا وسط تفجيرات وقصف وعمليات اغتيال متواصلة في مختلف مناطق القطاع.

اخبار ذات صلة