فلسطين أون لاين

​تحليل: ردُّ المقاومة عسكريًّا غيَّر قواعد الاشتباك مع الاحتلال

...
غزة/ أدهم الشريف:

رأى مراقبون سياسيون أن فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة ومن خلال ردِّها عسكريًا على التصعيد الإسرائيلي في قطاع غزة في الأيام القليلة الماضية، نجحت في تغيير قواعد الاشتباك مع جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي نفذ سلسلة انتهاكات واعتداءات طالت مؤخرًا المتظاهرين السلميين المشاركين في مسيرات العودة قرب السياج الفاصل بين قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1948.

ورأى الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشؤون الإسرائيلية صالح النعامي، أن تشبث الاحتلال بما يصفه بـ"حقه" في استهداف حماس، أوجد مسوغًا لتنفيذ إستراتيجية "المواجهة بين الحروب"، الهادفة إلى قضم قدرات الحركة العسكرية من أجل إضعافها وتحسين مكانة "تل أبيب" في أية مواجهة مستقبلية معها.

لكنه عدَّ في تصريح لـ"فلسطين"، أن "قبول (إسرائيل) باتفاق التهدئة الجديد، ولو ضمنيًا، بدليل هدوء الوضع وتوقف القصف، بعد أن أوضحت حركتا حماس والجهاد الإسلامي، القوتان العسكريتان الأساسيتان في القطاع، أنه من الآن فصاعدًا أي عدوان إسرائيلي على القطاع سيردّ عليه بالمثل، يعني تسليمًا إسرائيليًا بالواقع الجديد ونجاحًا فلسطينيًا في فرض قواعد اشتباك جديدة".

ولفت الأنظار إلى أن الانتقادات الموجهة لحكومة الاحتلال برئاسة اليميني المتطرف بنيامين نتنياهو، تدل على إدراك النخب الإسرائيلية أن الاتفاق يجسّد تسليم إسرائيل بتغيير قواعد الاشتباك.

وأشار إلى أن الكثير من النخب في (إسرائيل) عبّرت عن استهجانها لنجاح الأخيرة في فرض قواعد اشتباك مريحة لها في مواجهة إيران وحزب الله في سوريا، فيما تفشل على نحو كبير في تحقيق هذا الهدف عندما يتعلق الأمر بالمقاومة في غزة.

ورأى الكاتب والمحلل السياسي عليان الهندي، أن التصعيد العسكري وتبادل إطلاق نيران، جاء بعد سلسلة انتهاكات إسرائيلية لم تتوقف بحق الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، مرجحًا أن المقاومة و(إسرائيل) لا ترغبان بجولة جديدة من القتال.

لكن هذا التصعيد الذي جرى إذا ازداد تدريجيًا قد يتحول إلى مواجهة مفتوحة كما جرى منتصف سنة 2014، بما يؤدي في نهاية المطاف إلى إيجاد حلّ لفك الحصار؛ لأن هناك رغبة جامحة لدى (إسرائيل) في أن تتخلى بشكل مطلق عن المسؤوليات تجاه قطاع غزة، بحسب قول الهندي لـ"فلسطين".

وأشار إلى أن الاحتلال وحسب ما ذكرت صحيفة "هآرتس" العبرية، حول عدم اكتراث (إسرائيل) حاليًا بتفكيك سلاح حركة حماس والأسلحة الثقيلة في غزة، قد باتت تريد تعهدًا بعدم حفر أنفاق، وتعهدًا بعدم استهداف البلدات والمستوطنات الواقعة في الداخل المحتل.

وقال الكاتب والمحلل السياسي "يبدو أنه كلما وصلت المفاوضات إلى نقطة قريبة من نقطة الصفر، يحدث تحرك في جبهة أخرى، وهو القصف والقصف المضاد".

وأشار إلى أن الاحتلال لا يستطيع تقديم تنازلات للمقاومة في غزة ولا يقدم تنازلات في الضفة الغربية، وربما قد يكون هذا سبب تأخير رفع الحصار عن غزة.

بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشأن الإسرائيلي عدنان أبو عامر، إن هذه الأحداث (التصعيد) كان يجب أن تحصل منذ زمن؛ لأن مواصلة الاحتلال في استنزاف قدرات المقاومة بشريًّا واستخباريًّا ولوجستيًّا، ما كان له أن يستمر دون رد تحت هاجس عدم التسبب باندلاع الحرب الواسعة.

وقال أبو عامر لـ"فلسطين"، ربما فهم الاحتلال خطأ كثرة التصريحات الفلسطينية التي تحدثت عن عدم رغبتنا في الحرب، وهي تصريحات كان يجب أن يتم التخفيف منها، وليس طمأنة العدو بصورة مجانية، بدليل أنه انتقل من قصف مواقع فارغة للمقاومة إلى استهداف مقاتلين بصورة متعمدة.

وأشار إلى أنّ المقاومة ردت على جزء من خروقات الاحتلال لحالة الهدوء التي أتبعت العدوان على غزة 2014، عادًّا أن المسؤول عن أي تدهور قد يحصل هو الاحتلال، والاحتلال فقط.

وأضاف أبو عامر: إن المقاومة كبحت جماح نفسها أكثر من اللازم، حرصًا على المواطنين، وعدم اتهامها من أي أحد بجرّ القطاع لمواجهة مكلفة، لكن لا يمكن لهذا الوضع أن يستمرّ حتى إشعار آخر.