لم يمنع دوي إطلاق رصاصات جنود الاحتلال الإسرائيلي على المتظاهرين السلميين قبالة السلك الفاصل، شمال قطاع غزة؛ الحاج أبا خيري شقفة من مواصلة قراءة القرآن الكريم قبيل رفع أذان المغرب من داخل مخيم العودة، المقام قرب موقع "أبو صفية" العسكري، شرق جباليا شمال القطاع الساحلي.
ومنذ بدء شهر رمضان المبارك يواظب الحاج أبو خيري (60 عامًا) على أداء صلاة العصر في المخيم والجلوس عقب ذلك لقراءة آيات من القرآن حتى حلول موعد الإفطار، فيغادر حينها إلى منزله ببلدة بيت لاهيا، شمال غزة، قبل أن يعود في اليوم التالي.
ويعد أبو خيري مشاركته دعمًا للشبان المنتفضين سلميًّا في وجه جنود الاحتلال الإسرائيلي المتمركزين بأسلحة القنص خلف التلال الترابية على طول السلك الفاصل، ومن جهة أخرى يعده رباطًا قرآنيًّا على تخوم غزة الشرقية.
وبعدما أنهى الحاج الستيني قراءة صفحة من سورة المائدة أخبر صحيفة "فلسطين" أنه لا شيء يعكر صفو الأوقات التي يقضيها مع القرآن داخل المخيم إلا الدخان المنبعث من قنابل الغاز الخانقة التي يطلقها جنود الاحتلال على المتظاهرين، فضلًا عن دوي إطلاق الرصاص الحي أو المتفجر.
وأضاف أبو خيري: "نحن هنا من أجل المطالبة بوقف معاناة سكان القطاع ورفع الحصار المشدد، لذلك من الجميل أن نتقرب إلى الله باستخدام الوسائل جميعًا، خاصة الدعاء في هذه الأيام المباركة، والأجمل من ذلك أن تجتمع غاية الدعاء وزمانه في اللحظة نفسها، وهذا ما يحصل هنا بمخيم العودة".
وإلى الجوار من الحاج أبي خيري جلس على السطر نفسه أبو أحمد أبو مطر ممسكًا بيديه القرآن الكريم، منغمسًا في قراءة آياته في الوقت الذي كانت تنظم فيه اللجنة العليا لمسيرة العودة وكسر الحصار مهرجانًا شعبيًّا، ضمن فعاليات الجمعة التاسعة التي حملت عنوان: "مستمرون رغم الحصار".
وقال أبو مطر لصحيفة "فلسطين": "إنه بإمكان أبناء الشعب الفلسطيني جميعهم المشاركة في المسيرة وفعالياتها وفقًا لقدراتهم"، مؤكدًا أن الجلوس هنا داخل هذه الخيمة هو دعم لهؤلاء الشبان الذين يواجهون بصدورهم العارية رصاصات جنود الاحتلال على بعد أمتار قليلة.
ويمثل الحاج أبو مطر وغيره الكثير من كبار السن قدوة للشباب في قراءة القرآن وأداء الصلوات داخل المخيم رغم مشقة الصيام في ظل درجات الحرارة المرتفعة، منهم الشاب محمود البيروتي (23 عامًا) الذي ذكر أنه يلتزم بالحضور إلى المخيم كل يوم، إما لقراءة القرآن مع غروب الشمس وتناول الإفطار، أو لأداء صلاتي العشاء والتراويح.
بين البيروتي لصحيفة "فلسطين" أنه منذ انطلاق مسيرة العودة وكسر الحصار في الثلاثين من الشهر الجاري يعمل على الموازنة بين عمله في إحدى محطات تعبئة الوقود والمشاركة في فعاليات المسيرة، وتحديدًا التي تقام كل يوم جمعة، مشيرًا إلى أن الحضور إلى المخيم خلال أيام شهر رمضان له طابع خاص.
وقال البيروتي: "طوال السنوات الماضية اعتدنا أن نجلس في إحدى ساحات مخيم جباليا للاجئين قبل أذان المغرب من باب قضاء وقت الفراغ، ولكن اليوم اختلف الحال؛ فمكان القعدة أصبح هنا في مخيم العودة، شمال غزة، على بعد مسافات قليلة من أراضينا المحتلة، ولكل واحد منا مهمة".
وتوزعت مهام أصدقاء البيروتي ما بين المساعدة في إيصال الإطارات المطاطية (الكاوتشوك) إلى المتظاهرين قبالة السلك، وتقديم الدعم اللوجستي للمعتصمين دخل الخيام، في حين يسخر بعضٌ وقتًا لقراءة القرآن والمشاركة في جلسات الذكر والدروس الإيمانية التي تقام داخل المخيم.