عادت الأطراف إلى التهدئة بعد الوساطة المصرية. ( إسرائيل) تنفي، والمقاومة تؤكد. إنه لا عبرة كبيرة في النفي أو التأكيد. العبرة الحقيقية في الميدان، وفي الرسائل التي حملها القصف المتبادل. قصف المقاومة كسر حاجز الصمت الممتد من عام ٢٠١٤م. المقاومة قررت الرد على قصف العدو وتماديه بعد أن طفح الكيل. البيئة المعقدة، والظروف الحرجة الضاغطة على المقاومة لم تمنعها من ممارسة حقها في الرد على القصف الصهيوني. الإرادة الوطنية والشجاعة تغلبتا على حسابات الخوف من حرب واسعة النطاق.
الشهادة واقفا، ولا المذلة تحت بساطير الاحتلال، هي المعادلة التي تقود أفعال المقاومة، لا سيما حين يتمادى الاحتلال في غيه في قتل المدنيين، وقصف مواقع المقاومة، بشكل متعمد، في وقت شجعت فيه المقاومة الشعب على النضال المدني السلمي من خلال مسيرات العودة. حين يتجاهل العدو رسائل المسيرات المدنية المتصلة منذ أشهر، ويلجأ إلى القصف والاغتيال، فإن المقاومة جاهزة للرد عليه بما تستطيع وتملك.
كان رد المقاومة غير المتوقع رسالة للعدو من ناحية، وللمجتمع الدولي من ناحية أخرى، حيث فشل المجتمع الدولي في قراءة رسائل مسيرات العودة، وفشلت مؤسساته الأممية في إدانة ( إسرائيل) لقتلها المسرف للمدنيين المتظاهرين، والمحتجين على نقل السفارة الأميركية، والمطالبين بحق العودة، وتطبيق قرار الأمم المتحدة الخاص بهذا الشأن، بسبب الفيتو الأميركي والعجز الأوروبي والعربي..
لم ترغب المقاومة في الدخول في حرب موسعة مراعاة لظروف المواطنين في غزة، لذلك اكتفت بقصف مواقع غلاف غزة، ولم تقصف وسط ( إسرائيل) أو تل أبيب، وقبلت بالعودة إلى التهدئة، بعد أن أرسلت رسائلها إلى العدو، وإلى العالم، والقائلة : إن المقاومة لا تقبل معادلات جديدة في الميدان، ولن تسمح للعدو بفرض رؤيته بقوة السلاح. فصائل المقاومة قالت للعدو : إن المقاومة بأشكالها المختلفة تسير بشكل متوازٍ حتى رفع الحصار وتحرير الأرض واستعادة الحقوق الفلسطينية. وإن النضال المدني لن يسقط النضال بالبندقية.