قلنا في مقال سابق إن استراتيجية ( إسرائيل) في مواجهة مسيرات العودة وتداعياتها المحلية والدولية تقوم على عدة خطوات من أهمها جرّ الفصائل الفلسطينية إلى مواجهة عسكرية مسلحة، الأمر الذي سيحمل قطاع غزة إلى حافة الهاوية، ومن ثمة تتوقف المسيرات بسبب الخوف والقلق الذي يعتري المشاركين فيها .
في الأيام القليلة الماضية قامت ( إسرائيل) بقتل عدد من النشطاء، من القسام، والسرايا، بعد أن قصفتهم بشكل متعمد ودون مبرر، ودمرت بعض مراصد المقاومة، وحاولت الفصائل ضبط النفس، وعدم الردّ، ولكن جيش الاحتلال تمادى في العدوان، وقصف ليلة أمس مواقع للقسام والجهاد بالطيران والمدفعية، الأمر الذي تولد عنه إطلاق عدد محدود من الصواريخ الفلسطينية على مواقع في غلاف غزة.
هذه التطورات استدعت ما ورد في مقدمة المقال لتحديث السؤال القائل : هل نجحت استراتيجية (إسرائيل ) في دحرجة الأمور لحافة الحرب، واستدراج المقاومة، لمواجهات عسكرية متقطعة، أو لحرب موسعة، أم أن قيادة الفصائل المقاومة على وعي جيد بما تريده ( اسرائيل)، لذا فهي قادرة على حرمان العدو من تحقيق أهدافه وتنفيذ استراتيجيته؟!
ما زالت غزة بشكل عام في حاجة لمزيد من الوقت لاستثمار نتائج مسيرات العودة الكبرى، وإفراط العدو في استخدام القوة القاتلة في مواجهة مسيرات مدنية. لقد اعترفت قيادات إسرائيلية بأن مسيرات العودة سجلت انتصارا فلسطينيا في الساحات الدولية، والمؤسسات الأممية، ووجهت صفعة مؤلمة لإسرائيل. هذه المخرجات ما زالت في طور التشكل والتبلور في قرارات سياسية ذات مغزى، ومنها على سبيل المثال رفع الحصار عن غزة، وتجديد أنشطة سفن كسر الحصار القادمة من أوربا، وتنشيط الحماية الدولية، وهدم ما يسمى بصفقة القرن التي تتضمن تصفية القضية، وإسقاط حق العودة.
إن قادة الفصائل المقاومة أمام معادلة معقدة في توقيت حرج ، طرفها الأول كيف تستثمر نتائج مسيرات العودة بما يعود بالفائدة على الفلسطينيين ، وطرفها الثاني كيف تحافظ على حياة عناصرها ومواقعها من استهدافات العدو العسكرية المتعمدة؟! فهل تنجح الفصائل في قيادة المرحلة، وفك تعقيدات المعادلة، وحرمان العدو من النجاح، وفرض معادلات جديدة.