المواجهة العسكرية الحالية الأكثر تصعيدًا منذ نهاية الحرب عام 2014، تفتح الباب مجددًا أمام توقعات حول مسار الأحداث الحالية، وكأنها خطوة لا بد منها ترتبط بإخلال الاحتلال بقواعد الاشتباك، من خلال شن غارات على مواقع للمقاومة والمس بعناصرها، والاعتداء على المواطنين، واستمرار الحصار وذروتها الاعتداء على المواطنين السلميين المتظاهرين على حدود غزة خلال الشهرين الأخيرين ارتقى خلالها 120 مواطنًا.
صبر المقاومة نفد تجاه ما يقوم به الاحتلال، واستجابت للضغط الذي تشكل خلال الأيام الأخيرة بضرورة لجم الاحتلال عن الاستمرار في اعتداءاته، واستغرب البعض صبر المقاومة، التي لها حساباتها الخاصة، المرتبطة بالحفاظ على ما حققته مسيرات العودة من انجاز على صعيد طرح القضية الفلسطينية على الأجندة العربية والدولية، وفضح ممارسات الاحتلال، واستعادة الوعي الفلسطيني نحو حق العودة، وطرح ملف الحصار بقوة لإنهائه.
لا يرغب الطرفان في المرحلة الحالية بالذهاب لمواجهة كبيرة، لذلك اختارت المقاومة أن ترد في محيط قطاع غزة، وايصال الرسالة للاحتلال بأنها قادرة على إيلامه وتوسيع دائرة المواجهة والإضرار بالجبهة الداخلية للاحتلال.
يضاف أن اعتداءاته الاخيرة ضد المقاومين والمواطنين السلميين، لا يمكن تركهم لآلة القتل دون حساب، و أن المقاومة السلمية ليست بديلة عن المقاومة المسلحة، وهي دفاعية عن المواطنين، وليس كما يدعي الاحتلال أنها تعد للمس به واستهداف المناطق الجنوبية المحيطة بغزة.
في نفس الوقت يدرك الاحتلال الذي يحاول تغيير قواعد الاشتباك صعوبة تمرير ذلك في هذه المرحلة، في ظل يقظة المقاومة وحضورها ويدرك خطورة المس المباشر بها، والذي قد يضطرها لرفع مستوى المواجهة، وهو ما لا يرغب به.
بينما يرغب الاحتلال أن تبقى المواجهة في المستوى الحالي دون رفعها لأسباب ترتبط بالمحافظة على الهدوء في الجنوب وانهاء خطته بالتخلص من الانفاق واقامة الجدار الأرضي والمائي، وهو ما تضرر اخيراً بسبب مسيرات العودة التي مست بالسلك الشائك واعاقت العمل، وكذلك لا يرغب في مزيد من الإضرار بصورته على الصعيد الدولي والإنساني بسبب جرائمه ضد المتظاهرين السلميين في مسيرات العودة.
الخيار الثاني أن يذهب الطرفان لمستوى أكبر من المواجهة يوسع فيها الاحتلال من عدوانه بتنفيذ عمليات اغتيال واستهداف للمقاومين وقيادة الفصائل، وتقوم المقاومة بتوسيع عمليات القصف لعمق الاحتلال وتنفيذ عمليات في محيط غزة، وحينها الدخول في مواجهة مسقوفة زمنيًا تُحدث حراكا على صعيد معالجة الملفات التي لم يتم الالتزام بها خلال عام 2014، وهو ما لا يرغب به الاحتلال لعدم القدرة على فرض شروطه، مهما فعل، وكذلك المقاومة التي لا ترغب بذلك، في ظروف انسانية محلية، وسياسية اقليمية.
لذلك السقف للحالتين هو تدخل مصري لضبط الجانبين لمنع الذهاب للخيار الثاني، والذهاب نحو فتح الملفات التي تنزع فتيل الحرب الذي يبقى خيارا موجودا في أي حادثة تقع بخلاف رغبة الطرفين من عملية للمقاومة أو عمليات اغتيال تخرج فيها الأحداث عن السيطرة.
في حال حقق الخيار الأول للطرفين ما يرغبان به سنعود للهدوء الحذر مع فتح الملفات المرتبطة بتحقيق أهداف مسيرات العودة دون المواجهة المسلحة، وفك الحصار وايجاد آفاق للحل الانساني في غزة، ويعيد الاحتلال إلى قواعد الاشتباك التي وضعت بنهاية عام 2014، واطلاق عملية للتفاوض حول الجنود المفقودين بغزة، واطلاق سراح الالاف من الاسرى في سجون الاحتلال كمسار منفصل يحقق جزءا من النتائج.