"لا دولة في غزة، ولا دولة فلسطينية دون غزة" ، شعار جيد يردده هنية كما يردده صائب عريقات، الشعار جيد لأنه يدعو إلى وحدة الأراضي الفلسطينية المحتلة في عام ١٩٦٧م وإنهاء الانقسام، بينما يدعو قادة العدو إلى فصل غزة عن الضفة لأن مصالح (إسرائيل) تكمن في هذا الفصل؟!
إن الطريق إلى الدولة الفلسطينية الموحدة لم تعد ميسّرة كما تخيّل المفاوض الفلسطيني عندما وقع على اتفاقية أوسلو، أو قل حين أحسن الظن بالمحتل من ناحية وبأمريكا من ناحية ثانية، ومع ذلك يمكن القول بعد عقدين من أوسلو: إن سياسة العقاب التي تتبعها السلطة في رام الله ضد غزة تعزز الاستراتيجية الصهيونية في هذا الصدد.
بعد أكثر من عقدين من المفاوضات العجفاء تحت الرعاية الأميركية حول خيار الدولتين وما يتعلق بها من قضايا الحل النهائي، استيقظ الفلسطيني على واقع إسرائيلي يقول: إنه لا.. لخيار الدولتين ، ولا.. للقدس ولا.. لحدود ١٩٦٧م، ولا.. لعودة اللاجئين؟! ويقول: هذه قضايا تقع خارج التفاوض؟! ويزعم العدو وترامب: أن محمود عباس كمفاوض لا يملك الشجاعة اللازمة لإبرام اتفاقية سلام، لذا يجدر بأمريكا أن تفرض رؤيتها للحل على الطرفين؟! ترامب يحاول أن يفرض الحل من خلال التعامل مع القادة العرب (الحل الإقليمي).
ربما يقول المفاوض الفلسطيني ليس مهماً ما تفعله (إسرائيل)، أو ما تفعله إدارة ترامب، المهم أننا فلسطينياً نرفض سياسة الدولتين. وهنا نقول حسناً، والرفض واجب وطني، ولكن ماذا بعد الرفض؟
ثمة حالة من العجز الذاتي يعاني منها المفاوض الفلسطيني قبل مرض الرئيس وبعد مرضه، حيث تأتي إجابته عادة بعبارات تتعلق بمجلس الأمن، والأمم المتحدة، والمجتمع الدولي، وما شابه ذلك، وهي إجابات فاشلة وعاجزة. وهنا يقول أهل السياسة للمفاوض الفلسطيني: إن مجلس الأمن والأمم المتحدة وغيرها من المؤسسات الدولية ليست جمعية إغاثة إنسانية أو خدمات اجتماعية؟!
إن الأمم المتحدة تتحدث مؤسساتها بلغة القوة والأقوياء، ولا تستمع للغة الضعفاء، ولأن القوة هي التي تقرر، فقد فشلت الأمم المتحدة في إلزام (إسرائيل) بقراراتها، وفشلت في منع الأسد وروسيا من قصف المدنيين في الغوطة، وفشلت في ليبيا والعراق واليمن، والقرم وأكرانيا، وغيرها من الدول.
إنه إذا كان المجتمع الدولي، والأمم المتحدة، لا يعملون بمنطق المؤسسات الخيرية، فإن التوجه نحو الداخل الفلسطيني وبناء وحدة حقيقية بين الضفة وغزة، على قاعدة إزالة الاحتلال أولاً ثم إقامة الدولة بعد إزالة الاحتلال، حيث لا يمكن أن تقوم دولة فلسطينية في ظل الاحتلال هو الطريق الموصل للهدف. إن صفقة القرن تذهب نحو إدارة الاحتلال، وإعادة تدويره، واستبقائه بشكل من الأشكال بعد تجميله بالمساعدات الاقتصادية والإغاثة الإنسانية