فلسطين أون لاين

حكايات عن التدخين في رمضان

...
كتب/ نبيل سنونو:

ينتشر على نطاق واسع اعتقاد بأن عادات عدة تلازم كثيرًا من المدخنين في شهر رمضان، مثل المسارعة إلى التقاط السجائر عند الفطور، وأن عدم تمكنهم من التدخين خلال النهار يؤثر على طريقة تعاملهم في الحياة اليومية.

لكن في المقابل هناك من ينفي ذلك، وهناك اعتقاد بأن كثيرًا من المدخنين يستثمرون رمضان بمحاولة الإقلاع عن السجائر.

العديد من القضايا ترتبط بالتدخين والمدخنين في رمضان، هي مثار حديث بين الناس، لما يحل الشهر الكريم.

1 تجنّب

قبيل الظهيرة كان الطالب في كلية العلوم إبراهيم ظاهر يستظل تحت يافطة أحد المحال وسط غزة، عندما كان عائدًا من امتحان نهائي.

ولما سمع العشريني ظاهر عن موضوع التدخين في رمضان كان في جعبته الكثير ليقوله، ومن ذلك اعتقاده أن بعض المدخنين تكون "صدورهم ضيقة" في رمضان، لأنهم لا يتمكنون من شرب السجائر ما يقارب 16 ساعة متواصلة، هي مدة الصيام.

هذا الشاب لا يدخن، لكن له تجربة مع أحد المدخنين من المحيطين به، يقول عنه لصحيفة "فلسطين": "يحتك بالطير الطاير بسبب التدخين"، في إشارة إلى أنه يتدخل في كل صغيرة وكبيرة، مضيفًا: "وقت الصيام نتجنبه".

"الإنسان يتجنب بعض المدخنين، ويحاول أن يقلل الاحتكاك بهم، ويقتصر الحديث معهم على: "السلام عليكم وعليكم السلام"، لأنهم يتعصبون بسرعة"، من وجهة نظره.

يبين ظاهر أنه يستمر في هذه السياسة إلى أن يضرب مدفع الإفطار، ويعود هؤلاء المدخنون "إلى طبيعتهم"، كما يصف، قاصدًا بذلك أن يتمكنوا من تناول السجائر التي اعتادوا.

ويخطّئ ظاهر من يتناول السجائر أو يسارع إلى الإفطار بها عند أذان المغرب، متابعًا: "هذا تصرف خطأ جدًا".

يضيف: "في نهار رمضان نصوم عن الأكل الذي هو حلال في الأيام العادية، فهل يجوز أن نفطر عندما يؤذن المغرب على حرام؟!".

وما يثير عدم رضا هذا الشاب التكلفة التي يدفعها المدخنون ثمنًا للسجائر، في حين يمكن أن يستثمروا هذه الأموال استثمارًا أفضل.

ويفسر: "بدلًا من أن يشتري المدخن علبة سجائر يمكن أن يشتري لأهل بيته حاجيات مفيدة، أو أن ينظم إفطارًا للفقراء"، متابعًا: "لو كان شخص يدفع 300 شيكل شهريًّا للسجائر، أقلع عنها؛ لأصبح بإمكانه أن يشتري كل أسبوع فواكه لأهل بيته بقيمة 80 شيكلًا، أو أن يتصدّق بها، ما سينعكس على الجانب المجتمعي كله".

ويُذكّر كلام ظاهر بإحصائية سابقة لـ"دائرة التثقيف والتوعية" في وزارة الصحة، أظهرت أن "الفلسطينيين ينفقون سنويًّا قرابة 490 مليون دولار على التدخين، و1.4 مليون دولار يوميًّا، و60 ألف دولار كل ساعة".

"هي إذًا ملايين الدولارات التي تنفق على السجائر، يمكن تحويلها لمصلحة التكافل الاجتماعي، ومساعدة الإخوة، وربما القضاء على البطالة"، والحديث للشاب الغزي، الذي لم يتجاوز ما مضى من عمره 21 عامًا.

2 عزيمة

أمام محل لبيع الأحذية، كان يجلس العشريني ياسر أبو الخير، الذي يشرب السجائر مذ كان يبلغ 13 عامًا من عمره.

حلول رمضان دفع أبو الخير إلى التراجع عن شرب السجائر كثيرًا، يقول لصحيفة "فلسطين": "في رمضان الإنسان يكون صائمًا ولا يكون بباله الدخان بعد الإفطار"، وهو بذلك يخالف الكثير من المدخنين الذين يسارعون إلى التدخين فورًا بعد أذان المغرب.

"بعدما يفطر الإنسان ويصلي العشاء والتراويح لا يتبقى وقت، ويكون اليوم قد انتهى"، يشرح بذلك أن من شأن العبادات في رمضان على وجه خاص أن تشغل الوقت، وتبعد المدخن عن السجائر.

عدم شرب السجائر في ساعات الصيام الطويلة يعيد "برمجة" الإنسان المدخن باتجاه التخلي عنها، يضيف أبو الخير: "في رمضان أول يوم بعد الإفطار دخنت، أما في اليومين الثاني والثالث فلم أدخن".

الأهم من ذلك أن النية تراوده للإقلاع عن التدخين نهائيًّا مستثمرًا أجواء رمضان، وهو الذي لم يتمكن قبل ذلك أن يكف عنه.

وثمة اعتقاد شائع مفاده أن كثيرًا من المدخنين يتعصبون في رمضان لعدم تناولهم السجائر، لكن أبو الخير ينفي أن يكون منهم، متابعًا: "الأمر يتعلق بالعزيمة، إذا كان لديك عزيمة وتنوي أن تقلع عن السجائر تنجح".

لكنه يضيف: "ربما تنتاب بعضًا العصبية ولا يتمكنون من أن يضبطوا أعصابهم، كونهم معتادين التدخين".

ما الذي دفع أبو الخير أساسًا إلى التدخين؟، يجيب عن ذلك بقوله: "تعليمه سهل وتبطيله صعب"، مبينًا أنه بدأ التدخين عندما كان طفلًا ذاتيًّا.

ولا يخفي الثمن الباهظ للسجائر: "علبة الدخان حق نص كيلو لحمة".

رسالته "إلى زملائه" المدخنين أنه بالعزيمة يمكن التغلب على كل شيء.

3 "إفطار طبيعي"

يدخن منذ ثلاثة أعوام، ولجأ إلى السجائر "فشة غل"، حسب وصفه، لكنه يقول: "لست ممن يتعصبون في نهار رمضان، و(إذا غاب عني الدخان عادي)".

العشريني مؤمن أبو عصر يجيب عن سؤال صحيفة "فلسطين": "هل أنت من المدخنين الذين يفطرون على السجائر؟" بقوله: "أفطر بشكل طبيعي، أما أن أسارع إلى شرب السجائر فور أذان المغرب فهذا لا يدخل المخ (غير معقول)".

لكنه يدخن خمس أو ست سجائر بعد الإفطار.

ولابد من التذكير هنا بأن العديد من الدراسات حذرت من مخاطر التدخين، ونشر موقع "مؤسسة حمد الطبية" أن دخان السجائر يحتوي على ما يزيد على 4,700 مكون كيميائي، أثبتت الدراسات أن 60 منها هي مواد من الممكن أن تؤدي إلى الإصابة بالسرطان، ولذلك يطلق عليها مواد مسرطنة.