قبل عشر سنوات كان الحديث عن لصوص الوقت في رمضان يركز على المسلسلات والمسابقات الرمضانية، وقبلها كان الانشغال بالولائم والأسواق، هو ما نعونه بـ"لصوص رمضان".
اليوم انتخب اللصوصُ لصًّا جديدًا يتزعمهم، لأنه أكثر احترافًا وأقرب وصولًا إلى محفظتِنا الوقتية فيسرق ما شاء منها، دون أي جهد منه أو دعاية أو تكاليف، والحديث هنا عن وسائل التواصل الاجتماعي.
دراسة في 2017م كشفت ارتفاعًا كبيرًا في ولوج مواقع (السوشيال ميديا) خلال شهر رمضان، وبالتحديد لسكان المنطقة العربية ومحيطها (ذات الأغلبية المسلمة)، إذ إن عدد ساعات الاستخدام يزيد نحو 58 مليون ساعة عن معدله الشهري الطبيعي.
المشكلة أن ما نفعله هو أقل أهمية بكثير من ميزان الوقت المهدر، أو ميزان ما كان من الممكن أن نشغل به وقتنا هذا، لكننا نفعله ثم نندب أن القطار فاتنا بمنشور أو تغريدة أو قصة يومية على شرف اللص نفسه.
قد تكون المطالبة بالانعزال عن الهواتف ومواقع التواصل خلال رمضان صعبةَ التطبيق عند غالبيتنا، لأنها أصبحت جزءًا من حياتنا اليومية، كما أننا _ولنعترف_ أُصبنا بالإدمان عليها، ولو بنسب متفاوتة.
لذا إن الأمر يتعلق بتنظيم الاستخدام لا الحد منه، فكما أننا نضع لأنفسنا جدولًا لقراءة القرآن، محددًا بصفحات أو دقائق وساعات؛ فلنضع لأنفسنا جدولًا لمواقع التواصل، لا نحرم أنفسنا منها، ولا نسمح لها بأن تحرمنا من باقي طقوسنا الرمضانية، ولا نجعل رمضان مقصورًا على شاشة الهاتف المحمول، حتى لو كنتَ ستقرأ وِردك القرآني أو أذكارًا وأدعية فقط، اترك الهاتف بعض الوقت وراء ظهرك، وعش رمضان الذي حرمتك منه هذه اللصوص.