في الوقت الذي تعلو فيه الدعوات الأممية والدولية المختلفة لإنقاذ الوضع الإنساني في قطاع غزة من الانهيار، بسبب الحصار الإسرائيلي الذي ألقى بظلال سلبية وكارثية على مجمل مجالات الحياة، مضافاً إليه الإجراءات العقابية التي اتخذتها السلطة، يبقى التساؤل: هل تتحول هذه الدعوات لخطوات فعلية ضاغطة لرفع الحصار ومنع الانفجار؟.
أمام ذلك يقول مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان عصام يونس: إن الوضع في القطاع صعب على كل المستويات الاقتصادية والسياسية والمعيشية، خاصة أن الأرقام الصادرة من غزة فيما يتعلق بتفاصيل المعاناة صادمة.
وأضاف يونس لصحيفة "فلسطين"، أن الحصار الإسرائيلي سبب تداعيات مختلفة على مناحي الحياة في غزة، مضافاً إليه جملة العقوبات المتخذة بحق القطاع من قبل السلطة المتمثلة باقتطاع الرواتب، وقطع الكهرباء، وعدم صرف رواتب الموظفين العموميين.
وتابع: "إننا نتحدث عن فجور بالحالة الإنسانية، لم يعد بالإمكان السكوت عليه من قبل الكثيرين في المجتمع الدولي، ومن بينهم الأمم المتحدة التي تمثل القوة الأخلاقية في العالم"، متسائلا: "إن لم تتحرك الأمم المتحدة أمام هذا الواقع الصعب الذي يعيشه القطاع فمن سيتحرك؟".
وكان قد دعا مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في الأراضي المحتلة (أوتشا) الدول المانحة والمجتمع الدولي للعمل على إنقاذ قطاع غزة فورًا ورفع الحصار عن سكانه قبل فوات الأوان.
وشدد يونس على أنه يجب التعامل مع المشهد بمعالجة أسباب المعاناة الإنسانية وممارسة الضغوط على الاحتلال لرفع الحصار، باعتبار أن هناك قواعد قانونية تضبط ذلك.
وبين أن الوضع في غزة أصبح واضحاً لدى جميع دول العالم، معتقداً أن العالم كله أصبح مدركا أنه لم يعد بالإمكان السكوت على استمرار الوضع في غزة لأن بقاء الوضع هكذا يعني أن هناك انفجارا قادما وأن القادم سيكون أصعب، مما يتطلب خطوات فعلية برفع الحصار لتحسين ظروف الواقع باعتبار أن القطاع منطقة حيوية بها نسبة عالية من الشباب يستطيعون الإنتاج إن أتيحت لهم الفرصة.
وتشير معطيات فلسطينية رسمية إلى أن نسبة البطالة في غزة باتت تبلغ 49%، والفقر المدقع أكثر من 60%، في حين يتلقى 80% من المواطنين مساعدات إنسانية، فيما توجد مؤشرات ومخاوف من زيادة الأرقام السابقة هذا العام في ظل تخلي العديد من المنظمات الدولية عن دعم غزة.
إنهاء الحصار والانقسام
من ناحيته، أوضح الباحث في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان د. فضل المزيني، أن إنهاء أزمات غزة يتعلق بأمرين اثنين، الأول: برفع الحصار المستمر على القطاع منذ 11 عاماً، والثاني: إنهاء الانقسام الفلسطيني الداخلي.
وبين المزيني لـ"فلسطين" أن الحصار على مدار الفترة السابقة أدى إلى تدهور معظم القطاعات الحيوية في غزة بدءاً من القطاع الصحي والتعليمي، مبيناً أن الأوضاع الاقتصادية في غزة تبلغ ذروة الانهيار نتيجة ارتفاع معدلات البطالة.
وبشأن إمكانية تغيير التحذيرات الأممية من واقع غزة، قال المزيني: إن الدعوة لتخفيف أو رفع الحصار لن تجدي نفعاً إذا لم يتبعها ممارسة ضغوط حقيقية على الاحتلال.
وهناك طرفان أساسيان، والكلام للمزيني، يجب أن يقوموا بالضغط على الاحتلال، الأول الأمم المتحدة، والثاني المنظمات الدولية التابعة لها والعمل على وقف الحصار المفروض على غزة، ووقف الانتهاكات المتعلقة بالمواثيق الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة، والتي فيها الاحتلال طرف منها.
وشدد على ضرورة وقف الحصار المفروض على القطاع، باعتباره عقابا جماعيا وجريمة حرب، وأنه يجب الضغط على الاحتلال لإجباره للامتثال لقواعد القانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين، والقيام بمسؤولياته باعتبار أن القطاع إقليم محتل، بموجب القانون الدولي واتفاقية جنيف التي تفرض على الاحتلال إمداده باحتياجاته الأساسية وتوفير كافة مستلزمات الحياة.
ويعتقد المزيني أن الدعوات الأممية والدولية ستبقى غير مجدية طالما لم يصحبها خطوات تضغط على الاحتلال لرفع الحصار.