منذ أيام انطلق الفتى زياد برفقة والده إلى السياج الفاصل بين قطاع غزة وأراضي فلسطين التاريخية للمشاركة في مسيرات العودة وفك الحصار كعادة كل جمعة، ولكن هذه المرة لم يعد معافى إذ أصيب بطلق ناري في ساقه.
إصابة زياد لم تكن بسيطة فقد اخترقت الرصاصة الحية ساقه اليمنى وطالت اليسرى كذلك، مسببا فتحة كبيرة وصل قطرها إلى 6 سم نتيجة القوة التفجيرية التي يحملها الرصاص الذي يستخدمه جيش الاحتلال.
ومنذ إصابته عانى زياد من مضاعفات بسبب الفجوة التي أحدثها الرصاص الذي يدخل الجسم كالسهم ويخرج كالخطاف، ويضطر يوميًا للذهاب لعيادات مؤسسة أطباء بلا حدود الدولية في غزة من أجل تنظيف جرحه وتضميده.
وزياد ليس وحده من تركت رصاصات الاحتلال أثراً سيدوم لسنوات طوال على جسده، فالمئات تعرضوا لمثل هذا النوع من الإصابة، وبنفس طبيعة الجرح الكبير في أماكن خروج تلك الرصاصات حسب د.صلاح الرنتيسي، مدير النقطة الطبية في بلدة خزاعة شرق مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.
ويشرح الرنتيسي حالة زياد والمصابين الذين على نفس حالته سواء أصيبوا بالأطراف (العلوية والسفلية) أو بطونهم، بالقول لصحيفة "فلسطين" : "تشق الرصاصة طريقها في الجسم بشكل حلزوني، ومجرد دخولها للجسم تخترق الجزء المصاب تخرج تاركًة فتحة كبيرة".
ويشير إلى أن الأطباء يتركون فتحة الرصاصة النارية التي قد يتجاوز قطرها في بعض الأحيان إلى أكثر من 7 سم دون قطب، وذلك لصعوبة ترميم اللحم المتهتك، فيتم تركها لحين تحسن حالة المريض حيث يحتاج المصاب إلى أكثر من 60 يوما حتى يتماثل للشفاء.
ويوضح الرنتيسي أنه بمجرد دخول الرصاصة ساق المصاب تشق طريقها إلى المخرج مرورا بالأعصاب والعضلات، وتكسر العظم، وتمزق الشرايين، وفي حالة تم تمزيق الشرايين والأعصاب تصبح مسألة بتر الساق أحيانا حتمية.
وعن الأعيرة النارية التي يتم إخراجها من المصابين يؤكد أنه وثق وجود قطع نحاسية لونها أصفر في أجساد المصابين الذين وصلوا النقطة الطبية، وتحديد نوع الرصاص وقوته وماهيته يحتاج إلى دراسة.
ويرى الرنتيسي أن النقطة الطبية الموجودة قرب المتظاهرين ساهمت في إنقاذ حياة العديد منهم، لافتاً إلى أن أحد الشبان أصيب بقنبلة غاز في القصبة الهوائية وتوقف عن التنفس تمامًا، وفورا تم فتح مجرى للتنفس ميدانياً قبل أن يحول للمستشفى من أجل الجراحة.
قوة نارية
عميد كلية الطب في الجامعة الإسلامية د.فضل نعيم، يؤكد أن الرصاص الحي الذي يستخدمه جيش الاحتلال ضد المتظاهرين يحمل قوة تفجيرية عالية جدًا، بحيث يتمكن من إصابة أكثر من شخص في نفس الوقت.
ويقول نعيم لصحيفة "فلسطين": "بالفعل يوجد جرحى في غزة أصيبوا بـرصاصة واحدة في أقدامهم، وهذا يدلل على أن جيش الاحتلال يستخدم طلقات نارية مدمرة وحارقة، تعمل على تهتك كامل للأنسجة الموجودة في القدم مجرد دخولها لجسد المصابين".
ويلفت إلى أن أغلب الإصابات التي يتعرض لها الجرحى تكون في محيط المفاصل حيث توجد عضلة أساسية مغذية للساق، التي إذا تعطلت فتؤدي إلى إصابة المصاب بشلل جزئي.
ويؤكد عميد كلية الطب في الإسلامية أن الأعيرة المتفجرة المستخدمة تؤدي بمجرد إصابة الشبان إلى تهتك في الأنسجة والأعصاب، ذلك لأن الطلق الناري الذي يخترق العضو المصاب يكون على درجة عالية من السخونة بشكل يؤدي إلى حرق الأنسجة وقتلها.
ويذكر الرنتيسي، أن رصاص الاحتلال يؤدي إلى التسبب في كسور مختلفة للمصابين، حيث يوجد أكثر من نوع للكسور، الأول كسور متفتتة، وأخرى مفتوحة يصعب التعامل معها بالطريقة التقليدية، وهي حالات يلجأ الجراحون فيها إلى استخدام البلاتين الخارجي لترميم الجرح.
ووفقاً لتقارير حقوقية فإن قوات الاحتلال استخدمت أسلحة محرمة دوليا كالرصاص المتفجر أو ما يعرف بـ"الدمدم المتفجر" وآخر "الفراشة" الذي يتسبب في تهتك في الأنسجة والأوردة والأوعية الدموية والعظام، وقد يفضي في بعض الإصابات إلى إعاقات.