من المتوقع أن يقمع جيش الاحتلال الإسرائيلي، بحسب تهديداته، مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار بعنف شديد، كما يرجح أن يستخدم القوة المميتة ضد المتظاهرين السلميين، لكن هذه النوايا المبيتة لم تعد تلقى بالاً لدى مئات الألوف من المواطنين المشاركين، الصغار منهم قبل الكبار.
واليوم الإثنين، تصل المسيرة التي انطلقت في 30 مارس/ آذار المنصرم، ذروتها في وقتٍ من المقرر أن تفتتح فيه السفارة الأمريكية مقرها في القدس المحتلة بدلاً من (تل أبيب).
ويقول متظاهرون، إنهم ينوون بقوة المشاركة في المسيرات التي ستنطلق قرب السياج الفاصل بين قطاع غزة والأراضي المحتلة سنة 1948.
ولم يعد وائل أبو رزينة، الذي أصيب برصاصة اخترقت ساقيه في جمعة الشباب الثائر، يخشى الرصاص أو جنود الاحتلال المدججين بأسلحة قناصة ومحصنين وراء تلال رملية عالية تقع خلف السياج.
ويقول الشاب البالغ من العمر (29 عامًا)، لـ"فلسطين": "سأشارك في المسيرات رغم الإصابة التي تعرضت لها".
ويتقن أبو رزينة استخدام "المقلاع" جيدًا، كواحدة من الأدوات التي اعتمدها المتظاهرون الفلسطينيون منذ سنوات انتفاضة الحجارة نهاية عقد الثمانينيات، وتوارثتها الأجيال فيما بعد.
"رغم أنني مصاب، إلا أنني لن أجلس في البيت وأشاهد المتظاهرين وهم يخترقون السياج الفاصل" يضيف الشاب ذو اللحية.
وأضاف أبو رزينة وهو يتكئ على عكازين، أن بإمكانه استخدام المقلاع، وقذف الحجارة بعيدًا، حيث يختبئ جنود الاحتلال.
ويبدو أن الشاب ذو الملامح الجادة، يملك جرأة أهلته للمشاركة في مسيرة الجمعة الماضية، في منطقة "ملكة" شرق مدينة غزة. ويقول: "لقد أطلق جنود الاحتلال الرصاص عليّ مباشرة، ولم أصب ولم أشعر بالخوف".
أما الطفل عبد الرحمن جندية، فهو الآخر لديه إصرار كبير على المشاركة في مسيرة اليوم.
ويقول جندية وعمره لم يتجاوز بعد (15 عامًا)، "سأجتاز السياج الفاصل حتى وإن أطلقوا الرصاص والقنابل الغازية. لن يمنعني شيئًا هذه المرة".
ويضيف لـ"فلسطين"، "لقد كسرنا حاجز الرهبة، وإن أطلقوا الرصاص أو لم يطلقوا، سأشارك في المسيرات حتى تحقيق أهدافها".
وجاءت هذه المسيرات ضمن سلسلة تطورات دراماتيكية أعقبت إعلان رئيس الإدارة الأمريكية دونالد ترامب في 6 ديسمبر/ كانون أول الماضي، القدس المحتلة عاصمة لـ(إسرائيل).
وينفذ اليوم الوعد الأمريكي للاحتلال بنقل السفارة إلى مدينة القدس المحتلة.
ليس ذلك فحسب، بل طالت قرارات إدارة ترامب تقليص المساعدات المقدمة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، مستهدفًا بذلك حق عودة اللاجئين، كما يرى مراقبون.
وقوبل قرارا ترامب بإدانة ورفض شديدين، محليًا وعربيًا ودوليًا.
ويقول الشاب جهاد حميد، إنه مستعد للموت من أجل حق العودة، والقدس.
وكان حميد (24 عامًا) من سكان الشجاعية، شرقي مدينة غزة، أصيب برصاصة أطلقها صوبه جنود الاحتلال أثناء مشاركته في المسيرات قرب السياج في جمعة النذير.
ويضيف حميد الذي تغطي الضمادات جزءًا من ساقه اليسرى، "سآتي (اليوم الإثنين)، ولن يرهبني الرصاص أو الغاز. لقد تعودت على رائحته ولم يعد يجدي نفعًا معي".
ويقول حقوقيون إن قوات الاحتلال استخدمت القوة المفرطة والمميتة ضد المتظاهرين سلميًا شرق غزة، ما أدى إلى استشهاد العشرات وإصابة الآلاف بجروح مختلفة.
وطالبت منظمات تعنى بحقوق الإنسان، بالتحقيق في استهداف هؤلاء المتظاهرين برصاص وأسلحة محرمة دوليًا.