قائمة الموقع

سماح دويك.. سجن بتهمة الكتابة في (فيس بوك)!

2017-01-05T09:00:15+02:00
صورة أرشيفية

للتو فرغَت من تفريغ حماسها في كلمات وطنية عبر موقع (فيس بوك) الذي أنشأت لها حسابًا فيه، كونه كما يعرف الجميع حتى الأطفال منصة لحرية التعبير عن الرأي، لكنَّ ثمة من لا يؤمن بحق الفلسطينيين في ذلك، فزج بها في السجن.

"فقدتُ نصف سنة في السجن" تقول الصحفية المقدسية سماح دويك، التي اعتقلتها الاحتلال الإسرائيلي في 10 نيسان (أبريل) 2016م، بـ"تهمة" التحريض على ما سماه "العنف" بمنشوراتها على حسابها في (فيس بوك).

واخترع الاحتلال مع بداية انتفاضة القدس تهمة جديدة، هي التحريض عبر مواقع التواصل، واعتقل بموجبها العديد من الشباب والشابات الذين حاول إسكاتهم فلم يجد إلى ذلك مدخلًا سوى ما يكتبونه.

نهاية كل عام وبداية العام الذي يليه فرصة للكثير من الناس لمراجعة ما سبق والتخطيط لما هو آت، ولكن ربما إن حاولت دويك أن تراجع ما فعلته في 2016م فستجد أن القيود كانت الحدث الأبرز، ومع ذلك هي فعلت داخل سجن الاحتلال ما بوسعها.

تبين لصحيفة "فلسطين" أنها في 2016م كانت مهتمة بعملها في إعداد تقارير صحفة إنسانية لعدة شبكات إخبارية، ولكن على الصعيد الحياتي فاتها الكثير، فاعتقالها تزامن مع فصل الصيف الذي هو المحبب إليها.

وبسبب الأسر لم تكن بين أهلها في هذه المدة التي تعج بالأفراح والمناسبات، فقد مرّت مناسبات عدة للعائلة والأصدقاء وهي غير موجودة، فضلًا عن عدم قضائها معهم شهر رمضان المبارك وعيدي الفطر والأَضحى.

لم تستسلم هذه المقدسية الثائرة للسجن، "عددت الأسْر محطة إيجابية بدلًا من أن أترك السلبية تسيطر عليّ، فواظبت على قراءة القرآن، وقرأت الكثير من الكتب، وقدمت دورة في الصحافة للأسيرات، ودرّست طالبات الثانوية العامة منهن منهج اللغة الإنجليزية" هكذا تسرد تجربتها بتصميم.

وإن كان الأسر سلب جزءًا من حياتها فإنه علّمها بعضًا من دروس الحياة، "نعم، صحيح، تغيرت الكثير من جوانب شخصيتي بفعل تجربة الاعتقال، إضافة إلى أنني أدركت قيمة الحرية بعدما عشت شهورًا في السجن حيث لا فرصة للشعور بالحرية، وعشت كذلك كل كلمة كتبتها في تقاريري الصحفية عن الأسرى".

كل ما كانت تكتبه عن الأسرى في سجون الاحتلال كان نصيبها أن تعيش فيه، تأخذ شهيقًا وتتبعه بزفير عميق قبل أن تضيف: "صارت كلماتي واقعية وقريبة إلى ما مررت به".

وتتابع: "الاعتقال يؤثر على من كل من يقع تحته، ومن يتكرر اعتقالهم بين الفينة والأخرى هؤلاء أكثر تضررًا؛ فهو يزلزل كل حياتهم وما يخططون له، ولكنه واقع مفروض علينا، لكن مدى التأثر مرتبط بنفسية الأسير ودرجة وعيه وإيمانه وتقبله لما يحدث معه، فهذه العوامل تحدد شكل حياته داخل السجن، وكيفية استثماره لوقته في هذا المكان".

مصيدة

المهم أن هذه التي يطلق عليها الاحتلال "تهمة التحريض" تصفها دويك بأنها "مصيدة ينصبها ويتذرع بها لاعتقال كل من يريد، وهي ذريعة واهية للمحتل عندما لا يجد ما يتهم به الأسير، فيجعل (فيس بوك) تهمته، لذا اعتقل واستدعي مواطنون عاديون وحقق معهم بسبب كتاباتهم على مواقع التواصل".

وتقوم مخابرات الاحتلال لدى اعتقال هؤلاء النشطاء الفلسطينيين بتصوير منشوراتهم على حساباتهم الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي، وطباعتها، ثم تقديمها لقضاة المحاكم والنيابة العسكرية أدلة فيما تسمى "لائحة الاتهام"، ونتيجة لذلك قد يسجن الفلسطيني أو يعتقل إداريًّا، ويُمنع من استخدام (فيس بوك).

وفي مدة زمنية ليست بالطويلة اعتقل الاحتلال تبعًا لهذه السياسة 250 فلسطينيًّا، من تشرين الأول (أكتوبر) 2015م حتى الشهر نفسه من 2016م، منهم 35 امرأة وفتاة، و27 طفلًا، واجهوا هذه "التهمة"، لاستخدامهم كلمات يدرجها الاحتلال تحت بند ما يسميه "التحريض"، مثل: الانتفاضة، والحرية، ومقاومة، وشهيد.

19 أيلول (سبتمبر) كان فراق دويك للسجن، وحينها بدأت رحلتها لتعويض ما فات مع كونه ليس أمرًا سهلًا، فعقارب الساعة لا تعود إلى الوراء، تقول: "بعد الإفراج عني بدأت حياتي من حيث انتهيت قبل اعتقالي، فالحياة خارج السجن فيها الكثير مما يجب فعله، وليس كما في داخله، ولا شيء يعوّض ما ضاع من عمر الإنسان، ومن المستحيل أن أعيش الأيام التي لم أكن فيها، فهي لا تُعاد".

وما دام الاحتلال جاثمًا في فلسطين دون رادع دولي القصة حتمًا لن تنتهي، عزيزي القارئ، ولا أحد يدري من سيكون الأسير القادم بتهمة الكتابة في (فيس بوك).


ضمن ملحق تصدره صحيفة فلسطين حول أهم أحداث 2016 فلسطينيًا

اخبار ذات صلة