قائمة الموقع

معبر رفح.. "بوابة شبه مغلقة" تتطلع إليها عيون الغزيين

2017-01-05T08:56:09+02:00
صورة أرشيفية

"أمي عيَّانة بدي أزورها، أختي وأخوي ماتوا، وأبوي مات وما شفته، ما بدي أنحرم كمان من رؤية أمي.."، "أنا مستقبلي مهدد بالضياع، والعد التنازلي بدأ لانتهاء الفصل الدراسي الأول!"، إلى هنا لم تتوقف المعاناة التي يتكبدها الغزيون؛ فالفصول مستمرة، مع بصيص أمل بانتهائها.

إنه نهر الدموع الذي لا يجف، والآهات التي لا تجد لها دواءً، والصرخات التي لا يسمعها العالم، إلا الغزيين أنفسهم، عايشها مراسل صحيفة "فلسطين" مرارا وتكرارا على مدار 2016، راصدا الألم والأمل هناك.. أمام البوابة شبه المغلقة، معبر رفح البري بين قطاع غزة المحاصر، وجمهورية مصر العربية.

وينتظر من تتكدس أسماؤهم في سجلات وزارة الداخلية في غزة، من أصحاب الحاجات الماسة للسفر، كالمرضى والطلبة وحملة الإقامات والجوازات الأجنبية والزوجات العالقة، دورهم في السفر، في ظل تذبذب حركة السفر.

هؤلاء وغيرهم، ممن هم على قائمة الانتظار, ناشدوا السلطات المصرية ضرورة العمل على تلبية حاجاتهم الإنسانيةِ, وتحسين آلية السفر التي تفرض عليهم قيدَ الفئات وتقلص من أعداد المغادرين، كما بنوا آمالا كبيرة على الأحاديث الإعلامية عن نوايا القاهرة إنشاء منطقة تجارية حرة مع غزة، وفتح معبر رفح بآليات جديدة تخفف من وطأة الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ أكثر من 10 سنوات.

وأغلقت السلطات المصرية معبر رفح 317 يوما خلال 2016، وفتحته استثنائيا 38 يوما أمام سفر الحالات الإنسانية، إلى جانب فتحه أياما عديدة لإدخال جثث مواطنين توفوا خارج القطاع أثناء علاجهم، وفق عدوان، الذي أوضح أنه تم فتح المعبر ستة أيام لحركة الوفود، و4 أيام لحجاج بيت الله الحرام.

إن عدم انتظام فتح معبر رفح، والكلام هنا لمدير المعبر من الجانب الفلسطيني هشام عدوان، يؤثر بشكل كبير على حياة الغزيين، خصوصا المرضى والطلبة وحاملي الإقامات في الخارج والزوجات العالقات.

ويحذر عدوان، في تصريحات لصحيفة "فلسطين"، من أنه "قد يفقد المرضى حياتهم بسبب إغلاق المعبر فترات طويلة، ويضيع مستقبل الطلبة، ويهدد فئة الزوجات العالقات بتفسخ العلاقات الاجتماعية، كما يضر بأصحاب الإقامات في الخارج ويهددهم بفقدان عملهم وضياع مستقبل أبنائهم الدراسي"، مشددا على ضرورة فتح المعبر، على مدار الساعة لتمكين الغزيين من السفر والتنقل وفقا للأعراف والمواثيق الدولية.

وتنص المادة 13 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، على أن "لكل فرد حرية التنقل واختيار محل إقامته داخل حدود كل دولة"، وأنه "يحق لكل فرد أن يغادر أية بلاد بما في ذلك بلده كما يحق له العودة إليه".

"أفضل حالا.."

وعلى أي حال، يصف مدير معبر رفح من الجانب الفلسطيني، هشام عدوان، حركة السفر خلال 2016 بأنها "أفضل حالا من الأعوام التي سبقتها"، مشيرا إلى أن المعبر، الذي تغلقه السلطات المصرية بشكل شبه تام، شهد زيادة في عدد أيام فتحه الاستثنائي.

ويبين أن عدد أيام الفتح الاستثنائي، وصل في 2016، لثمانية أيام متواصلة وتحسن عدد المسافرين عن السنوات السابقة منذ العام 2013.

وخلال 2015، أغلقت السلطات المصرية المعبر، الذي يعتبر نافذة الغزيين على العالم، 344 يوما، وفتحته استثنائيا 20 يوما فقط على فترات متباعدة.

ويوضح عدوان، أن إدارته لمست "تغيرات" في 2016، في آلية العمل في المعبر، من حيث استلام الجوازات مسبقا لتسهيل العمل، قائلا: "لوحظ أيضا انخفاض أعداد المرجعين من الجانب المصري بشكل واضح".

ويشير إلى أن "وفودا عديدة خرجت إلى الجانب المصري منها وفود لرجال الأعمال والوجهاء والشخصيات المجتمعية كما خرج وفد إعلامي وكل تلك الوفود تلقت وعودا بتحسين العمل على المعبر وزيادة أيام العمل".

وبلغ عدد المغادرين خلال 2016، نحو 20497 مسافرا، في حين بلغ عدد القادمين عبر معبر رفح 13831، وتم إرجاع 1605 مسافرين من قبل السلطات المصرية، بحسب عدوان.

وسمحت السلطات المصرية خلال 2016، بإدخال 40 سيارة إلى القطاع، وكميات من الاسمنت.

وعن التواصل بين الجانبين الفلسطيني والمصري، يؤكد وجود هذا التواصل، مردفا: "كما أن هناك تواصلا من خلال وزارة الخارجية ممثلة في د. غازي حمد (وكيل الخارجية في غزة) لتذليل العقبات على المعبر وتسهيل تنقل المسافرين وهذا التواصل يتم مع الجهات المسئولة عن المعبر".

ويعتقد المحلل السياسي مصطفى الصواف، تعقيبا على أحوال معبر رفح خلال 2016، أن "ما يحكم السياسة المصرية هو مبدأ المصلحة، ومصلحة مصر هو ترتيب أوراقها مع غزة، سواء الاقتصادية أو السياسية أو الأمنية".

وعما إذا كان الحديث الإعلامي بشأن انفراج في أوضاع المعبر، يلفت الصواف في حديثه مع صحيفة "فلسطين"، إلى أن ترجمة ذلك، ستنعكس إيجابا على الاقتصاد المصري، قائلا: "يتحدث اقتصاديون عن حاجة مصر لما يتراوح بين أربعة وستة مليارات دولار، لذلك تدرس مصر فتح معبر رفح تجاريا وإعادة بناء المعبر، وهناك حديث عن إنشاء منطقة تجارة حرة ومنطقة صناعية وجلب استثمارات وتجار مع غزة، التي يعيش فيها مليونا إنسان".

وعدا عن ذلك، يشير إلى أن القاهرة تريد أن تعود لمكانتها في المنطقة الاقليمية والدولية، معتبرا أن مدخلها لذلك هو القضية الفلسطينية والتي تشكل الورقة الرابحة، "لذلك يجري الحديث عن انفتاح في العلاقات مع قطاع غزة".

وبالشأن الأمني على حدود القطاع مع مصر، يقول: "مصر تريد الآن من حركة المقاومة الإسلامية حماس حفظ الحدود (حدود القطاع) مع سيناء، وحماس تقوم بدورها الكامل في ذلك لقناعة أن الأمن القومي المصري هو من صميم الأمن القومي الفلسطيني"، لافتا في الوقت نفسه إلى أن حماس ترفض العمل في أي مكان خارج الساحة الفلسطينية، وتقوم فقط بمواجهة الاحتلال الإسرائيلي داخل فلسطين المحتلة.

وينوه إلى أن فتح المعبر في الاتجاهين لعبور الأفراد والبضائع، يمثل مصلحة مشتركة فلسطينية مصرية.

انتهى عام 2016، لكنّ السؤال الذي سيظل مطروحا هو عما إذا كانت بوابة معبر رفح ستفتح أمام حق الغزيين في التنقل، وما إذا كانت معاناتهم ستنتهي؟

ضمن ملحق تصدره صحيفة فلسطين حول أهم أحداث 2016 فلسطينيًا

اخبار ذات صلة