يبدو أن موقف حماس من أزمة حلب ورفضها لما يجري لسكانها من تنكيل وإبادة جماعية لم يعجب بعض الأطراف المشاركة في الأزمة السورية، والتي كانت على علاقة جيدة مع حماس.
بعض المقالات في هذه الدول هاجمت حماس لموقفها المناصر لسكان حلب، وأصحاب المقالات والتصريحات يفترضون على حماس أن تقف صامتة أو عاجزة عن الكلام.
حماس فاجأت جميع الأطراف أنها تقف مع قيمها ومبادئها ولا تحيد عنها أبدًا، فالمصالح عندها بعد المبادئ والقيم الأخلاقية. حماس رفعت في انطلاقتها رقم (٢٩) شعارات تؤيد سكان حلب، وتؤيد حق المدنيين في الحياة الكريمة، وترفض تهجيرهم والتوغل عليهم مهما كانت الأسباب العسكرية التي يتذرع بها المتغولون.
لقد نجحت حماس كحركة تحرير وطني في الموازنة بين مصالحها وبين قيمها وأخلاقها، فلم تجامل هذه الدول بسبب مساعداتها على حساب الحقوق في سوريا، بعد أن رأت مشاهد من انتهاكات الشيعة لأعراض المسلمات، والعدوان على أطفال المسلمين السنة، وتعويق التفاهمات الدولية لإخراج سكان حلب الشرقية لأماكن آمنة.
نعم قد يكون للمساعدات الإيرانية دور في حيوية حركة حماس وبناء قدراتها، ولكن هذا لا ينبغي أن يكون على حساب القيم والأخلاق والمبادئ، ومن يتوكل على الله فهو حسبه، وحماس تتوكل في أنشطتها السياسية والعسكرية على الله وحده، وهي ترفض كل عمل لا يرضي الله.
بعض فصائل اليسار الفلسطيني التي تلقت بعض المساعدات المالية من هذه الدول وصفت ما جرى في حلب بالانتصار والتحرير، ونسيت الأبعاد الإنسانية للسكان التي يجب أن يدافع عنها كل فلسطيني مهما كان لون حزبه السياسي، لأننا أصحاب معاناة ، وأول من ندافع به عن معاناتنا هو الأبعاد الإنسانية التي يلتقي عندها البشر جميعًا.
لو كانت حماس من الفصائل والأحزاب التجارية للاذت بالصمت أو انضمت إلى جوقة المصفقين للغالبين فيما قاموا به في حلب مدينة سيف الدولة الحمداني، ولربما لزاد هذا في المساعدات المقدمة لها من هنا وهناك، ولكن حماس التي عودتنا على التمسك بالمبادئ والأخلاق علمتنا درسًا عظيمًا في السياسة، هو أن ما عند الله خير وأبقى، وأن المؤمنين ينتصرون بالتوكل على الله لا بالاعتماد على ما عند البشر.
حماس كغيرها من حركات التحرر النظيفة تأخذ بالأسباب، وتجري توازنات مهمة، وتسدد وتقارب، في مواقفها وتصريحاتها، ولكنها في النهاية هي مع ما يرضي الله، ومع الشعوب، لا مع الأنظمة، ومن ثمة فمن يريد أن يعرف حماس عليه أن يجمع تصريحاتها ومواقفها، وأن يدرس أدبياتها، فبندقيتها موجهة نحو القدس دائمًا وأبدًا، وهي مع الشعوب دائمًا وأبدًا، ولن تكون يومًا في صف الظالمين، مهما كانت الأمور سوداء.