اللحظات الأولى عند استقبال الزوج العائد من العمل هي من أهم اللحظات التي تحدد طبيعة الأجواء بين أي زوجين، لما لها من أثر بالغ على نفسية الرجل الذي ينتظر التقدير والاهتمام من زوجته من جهة، وحسن الاستقبال بالابتسامة والكلمات الحميدة وجمال المنظر والهندام من جهة أخرى.
وسواء كان الرجل عاملًا أو وزيرًا فإنه يخضع تحت تأثير هذه اللحظات، التي من شأنها أن تزيل كافة المنغصات والمشقات التي يواجهها خلال عمله، وأن تحيل دون انتقال عصبيته الناجمة عن يوم عمل شاق إلى داخل المنزل.
تقدير واهتمام
ويقول تيسير رأفت (36 عامًا) ويعمل في مجال المقاولات، إنه يقضي نحو 10 ساعات يوميًا في العمل خارج المنزل، ويعود إلى المنزل بعدها محملًا بهموم ومشقة طيلة هذه الساعات أملًا في أن يحصل على الراحة النفسية والجسدية.
وأضاف رأفت لـ"فلسطين": "إن زوجتي تقدر كل ما أمر به من متاعب خلال عملي، لذلك تحرص على أن تزيل كافة همومي عند اللحظات الأولى لوصولي المنزل، أو عند باب المنزل بشكل أدق، فابتسامة الزوجة في وجه زوجها لها مفعول سحري، خاصة وأن الزوجة هي سريرة الرجل وشريكة حياته".
وأوضح أن حسن استقبال الرجل يعد عملًا لا تتقنه كل الزوجات، بل الزوجات السعيدات منهن، اللواتي يحظين بمعاملة جيدة من أزواجهم، مضيفًا: "لذلك أعتقد أنها علاقة تبادلية فبقدر ما يمنح الرجل زوجته تمنحه".
وبيّن رأفت أن ثمة زوجات "نكدات" بطبعهن يحولن حياة أزواجهن إلى جحيم طيلة الوقت، الأمر الذي يجعل من عش الزوجية ليس ملاذ الرجل للفضفضة وإزالة الهموم، بل مكانًا يحرص على القضاء فيه أقل وقت ممكن من أجل تحاشي المشاكل الروتينية.
أما فوزي عبد العاطي (40 عامًا) ويعمل سائق سيارة أجرة، يقول إنه يحاول قضاء أكبر وقت ممكن خارج المنزل وعدم العودة إليه بسبب زوجته "النكدية" التي لا تجيد حسن استقباله عند عودته، ولا تحسن معاشرته ومعاملته.
وقال عبد العاطي لـ"فلسطين": "فاقد الشيء لا يعطيه، فزوجتي فاقدة لكل هذه المعاني الجميلة التي تمنح الرجل معنى للحياة، والتي من شأنها أن تزيل كافة المنغصات اليومية، لذلك لا أتوقع أن أعود يومًا إلى المنزل وأجدها تفتح لي الباب بوجه مشرق وابتسامة جميلة على وجهها".
وبيّن أن اللحظات الأولى في استقبال الرجل العائد إلى المنزل، هي التي تحدد طبيعة المعاملة بين الزوجين فيما بعد، "ففي حال كانت لحظات إيجابية وجميلة تبقى الأوضاع جيدة بين الزوجين ويمكن بعدها حل أي مشكلة تعترضهما، وفي حال كانت سلبية فالمعاملة ستكون سيئة من الطرفين، وفي حال نشأت أي مشكلة مهما كانت بسيطة فمن شأنها أن تصبح كبيرة ومعقدة".
الانطباع الأول
المتخصص النفسي والاجتماعي زهير ملاخة، يرى أن اللحظات الأولى في استقبال الزوجة لزوجها، هي التي تمنح الانطباع النفسي لدى الزوج حول الأجواء السائدة في منزله، الأمر الذي يؤثر بشكل مباشر في التعامل بين الزوجين ويترك أثرًا طيبًا على النفس.
وقال ملاخة لـ"فلسطين": "اللحظة الأولى التي تحمل التقدير والاهتمام تعكس آثارا نفسية إيجابية على الزوج، وتشعره بالراحة والاستقرار، ويكون ذلك من خلال الاستقبال الطيب والحسن الذي يصنع برمجة عقلية ونفسية لدى الزوج أن يدخل مملكته التي تذيب شقاءه وتعبه الذي ناله خلال عمله خارج البيت".
وأضاف: "الأصل أن تكون الزوجة واعية ومدركة لمشاعر الزوج وطريقة تفكيره، وصاحبة مهارات في جعل زوجها يعتبر بيته مكان هدوئه وسكنه ومصدر راحته واستقراره وإشباع حاجاته النفسية، لذلك يجب أن تشكل سلوكها بشكل إيجابي وهذا يتطلب ذكاءً لا تملكه جميع الزوجات".
وبيّن ملاخة أن من مظاهر حسن الاستقبال ترتيب النفس والمظهر والهندام، وخلق بيئة أسرية مستقرة ومريحة وحسن إخراج الكلمات واختيارها بشكل مناسب.
ومن جهة أخرى، رأى ملاخة أن الزوجة النكدية والتي لا تجيد حسن استقبال زوجها، تدفع زوجها لعدم الرغبة بالعودة إلى بيته، وتجعله يزيد من عدد ساعات عمله هربًا من لقائها.
وقال: "الزوجة النكدية هي التي تتعامل مع ردات الفعل وتهتم بأشياء شكلية وليست قادرة على التحكم بنفسها وإدارة بيتها ولا تفهم احتياجات زوجها وليست لديها القدرة على ضبط نفسها، والسيطرة على انفعالاتها".
وبيّن ملاخة أن الزوج في هذه الحالة يشعر بالنفور تجاهها، ويبحث عن مصادر أخرى لنيل الراحة وللشعور بالانسجام بعيدًا عن زوجته وأسرته، الأمر الذي يؤدي إلى المشاكل الزوجية التي تنعكس على الأبناء والمعاملات الزوجية برمتها.