فلسطين أون لاين

أزواج يستجدون "لحظات عزوبية"

...
غزة - عبد الله التركماني

في أحد أيام الشهر غالبًا ما تخصص الزوجة يومًا للذهاب والمبيت في بيت أهلها، لا سيما لو كانت عائلتها تسكن خارج المدينة التي تقيم فيها، عملًا بالعادات والتقاليد المتعارف عليها في المجتمع الفلسطيني.

ويمثل هذا اليوم بالنسبة إلى الكثير من الأزواج الشابة "يومًا مفتوحًا" لاستعادة أيام العزوبية، فيما يتمنى الأزواج "البيتوتيون" مرور هذا اليوم سريعًا من أجل إنهاء حالة العزلة والوحدة.

ورغم أن هذا اليوم يعد فرصة للزوجات للتحرر من الأعباء والمسئوليات البيتية، ثمة تساؤلات تشغل بال الزوجات باستمرار في هذه القضية، أهمها: "كيف يقضي الزوج يومه عندما تذهب زوجته للمبيت في بيت أهلها؟"، و"هل يعد الزوج يوم مبيت زوجته عند أهلها يوم راحة بالنسبة إليه أم شقاء وتعب بسبب غياب ست البيت"؟.

"فلسطين" تنبش في هذا المشهد بين الأزواج، لبحث أهمية هذا اليوم بالنسبة إلى الزوجة والزوج على حد سواء، وتحاول العثور على إجابات لهذه التساؤلات التي تشغل بال الزوجات عند كل يوم مبيت في منزل الأهل.

العودة للعزوبية

محمد عبد الهادي (28 عامًا) وهو شاب متزوج منذ خمس سنوات، يقول إنه كان في أولى سنوات الزواج يوافق على مضض عندما كانت زوجته تطلب منه السماح لها بالمبيت عند أهلها، لاعتبارات عديدة أهمها أنه لا يفضل البقاء وحيدًا بين العزلة والوحدة.

ولكن مع مرور السنوات بات محمد يدفع زوجته للمبيت عند أهلها، ويقول لـ"فلسطين": "الحنين إلى العزوبية والروتين الذي يسيطر على الحياة الزوجية، يجعل الأزواج يبحثون بشكل دائم عن التغيير، لذلك فإن ذهاب الزوجة للمبيت عند أهلها هو يوم تغيير بامتياز بالنسبة لي".

وأوضح أنه يستغل هذا اليوم بالسهر لساعات متأخرة خارج المنزل، والخروج مع أصدقائه أو تنظيم يوم ترفيهي لساعات متأخرة من اليوم، دون أن ينغص الجلسة رنين هاتف يطالبه بالعودة إلى المنزل -على حد تعبيره.

وأضاف محمد: "أنصح كل زوجين أن يمنحا هذا اليوم أهمية كبيرة، لما يساهم بشكل كبير في إحداث التغيير وكسر الروتين، وهذا ينعكس بالإيجاب على الحياة الزوجية ويجعلها حيوية أكثر، ويجعل الزوجين مقربيْن لبعضهما أكثر".

يوم تعيس

حال الشاب محمد ينعكس على الكثير من الأزواج الشابة التي ترغب في استعادة عزوبيتها ولو لساعات قليلة بعيدًا عن المسئوليات والقيود، ولكن هذا لا ينعكس على الشاب رزق مطير (26 عامًا) وهو موظف حكومي، حيث يرى أن اليوم الذي تذهب فيه زوجته للمبيت في بيت أهلها هو يوم "تعاسة بامتياز".

وقال مطير لـ"فلسطين": "الزوجة هي شريكة الحياة، وعندما تغيب شريكة الحياة تصبح الحياة مملة وفارغة، وتصبح المصاعب أكبر في تلبية الاحتياجات الطبيعية مثل الأكل، فليس أمامي خيار آخر سوى الذهاب إلى المطاعم ودفع تكاليف كبيرة من أجل تناول الطعام".

وأضاف: "الحقيقة أنني أشعر بشلل الحياة بسبب غياب زوجتي، فأنا لا أرفض طلبها بالمبيت عند أهلها لأنها تحب ذلك فقط، كما أن ذهابها للمبيت يعني اصطحاب أبنائي معها، الأمر الذي يجعلني أكثر شوقًا لعودتهم إلى المنزل".

[title]كسر الروتين

[/title]

المتخصص الاجتماعي إياد الشوربجي، يرى أنه من حق الزوجة الطبيعي أن تخصص يومًا معينًا للمبيت في بيت أهلها لصلة الرحم وعدم القطيعة، ولكسر الروتين، كما يعد هذا اليوم فرصةً لتحرر الزوجات من الأعباء والمسئوليات الملقاة على عاتقها وأعمال المنزل المختلفة.

وقال الشوربجي لـ"فلسطين": "يرى بعض الأزواج أن هذا اليوم يعد يومًا استثنائيًا للعودة إلى أيام العزوبية من خلال التخلص من المسئوليات، ويستغلونه في القيام بالأمور التي لا يستطيعون فعلها في الأيام العادية، مثل السهر مع الأصدقاء أو القيام برحلات ترفيهية ليلية تستمر حتى ساعات الصباح دون أن يكون لديه شيء يشغل باله".

وأوضح أن بعض الأزواج لا يستطيعون القيام بهذه الرحلات مع بقاء الزوجة في المنزل بسبب قلقه عليها أن تبقى وحيدةً في المنزل، لذلك فإن أنسب الأوقات للقيام بها يكون في أيام مبيت الزوجة عند أهلها.

وبيّن الشوربجي أن اعتبار هذا اليوم استثنائيًا بالنسبة إلى الزوج لا يعني أنه لا يحب زوجته أو أنه ينتظر بشوق انصرافها عن حياته، بل هي فرصة للتحرر من الطلبات اليومية ولكسر الروتين اليومي، ولتجديد المودة بينهما، مضيفًا: "دفع بعض الأزواج لزوجاتهم للمبيت في بيت أهلها، لا يرتبط بمدى الانسجام مع الزوجة أو حبه لها، بقدر ما ترتبط بالحاجة إلى التغيير وكسر الروتين".

من جهة أخرى، رأى الشوربجي أن عدم تفضيل بعض الأزواج لبيات زوجاتهم في منزل أهلهن، يرجع إلى طبيعته التي نشأ عليها، وقال: "هذا يؤشر على أنه رجل بيتوتي، ولا يحب الخروج كثيرًا من المنزل، كما أنه لا يحب العزلة ويفضل تناول الطعام من يدي زوجته وليس من الخارج، كما أنه يؤشر على سرعة اشتياقه لأبنائه".