لدى الاحتلال الإسرائيلي طائرات "إف 16" ترمي، إلى جانب الصواريخ، منشورات تحذيرية للفلسطينيين، ولدى الفلسطينيين "إف 16 الورقية"، إذ طوعت الأيدي الفلسطينية المبدعة الطائرات الورقية لتحوّلها من وسيلة ترفيه، إلى وسيلة للمقاومة السلمية.
وتتعدد استخدامات الطائرات الورقية في مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار، فمرّة تحمل الرسائل بألوانها وما كُتب عليها، ومرّة أخرى تحمل مناشير تحذيرية، وغير ذلك تُستخدم لالتقاط صور من الأراضي المحتلة عام 1948م، بالإضافة إلى "الطائرات الحارقة" التي تحمل مواد حارقة وتشعل الحرائق في المساحات الخضراء في الأراضي المحتلة.
مناشير تحذيرية
مسئول "وحدة حماية المتظاهرين" في مدينة رفح، حسام خلف، يقول عن تطور استخدامات الطائرات الورقية: "في البداية صُنعت الطائرات بألوان علم فلسطين، كما كُتب عليهاأسماء القرى والبلدات المهجرة، ورغم سلميتها تعرض حاملوها لإطلاق نار من قبل جنود الاحتلال".
ويضيف لـ"فلسطين": "تطوّرت هذه الطائرات، وكبر حجمها، وتعددت مهامها، فأبدع الشباب الثائر في تطويعها لتحمل مناشير تحذيرية تصل إلى مستوطنات محيط القطاع".
ويتابع: "عادة ما يقوم الاحتلال برمي المنشورات التحذيرية من طائراته (إف 16)، وبناء على ذلك ابتكر الشباب فكرة المناشير التحذيرية، لمجابهة الاحتلال بنفس الوسائل التي يستخدمها، كنوع من الحرب النفسية".
وأشار إلى أن إلقاء المناشير التحذيرية على مستوطنات محيط القطاع باستخدام الطائرات الورقية انطلق في جمعة الشهداء والأسرى، وسيتم تكراره في كل جمعة، لافتا إلى أنه تم إلقاء 2000 منشور.
ويؤكد مسئول وحدة حماية المتظاهرين أن إلقاء المناشير التحذيرية وسيلة سلمية.
"قيادتكم تصدركم للمشهد العنيف.. هذه الأرض ملك لنا وحدنا.. نحن نبحث عن الحياة ويشرفنا أن نموت من أجل الوطن.. القدس عاصمتنا.. ونعم لحق العودة".. هذه رسائل تحملها المناشير كتبت بالعربية والعبرية.
"واستطاعت هذه المناشير التحذيرية أن تحقق هدفها، حيث شوهد المستوطنون وهم يهربون من بيوتهم بعد تلقيهم هذه المناشير، ويبدو أنها أثرت على حالتهم النفسية وأدخلت الرعب إلى قلوبهم"، وفق خلف.
كيف تُصنَع؟
وعن كيفية صنع الطائرة الورقية، يوضح خلف: "اتجه الشباب نحو التفكير الميكانيكي، أي حساب حجم الطائرة، كي تستطيع أن تحمل آلاف المناشير، واستخدموا نوعًا قويًا من الخيوط، والتي تستخدم في البناء، والطائرة الواحدة تحتاج ما يتراوح بين 600 و 800 متر من الخيوط".
ويبين: "يصعب مسك هذه الخيوط لأنها تحدث جرحا في اليد، وقد واجه الشباب هذه المشكلة بربط الطائرة بوتد مثبت في الأرض، عليه بكرةفيها خيوط، وبها يتم التحكم بحجم الخيط".
ويقدر المسافة التي تصل إليها الطائرات لتقلي مناشيرها بنحو 800 متر أفقيا.
وبحسب خلف، سيتم تطوير الطائرات لتحمل إطارات "كاوتشوك"، وبالفعل تم إجراء تجارب ناجحة.
ويبين خلف أن صنع الطائرات الورقية وطباعة المناشير التحذيرية، يتم على نفقة صانعيها.
وكاميرا أيضًا
وكان الشباب قد استخدموا الطائرات الورقية لأهداف مختلفة، منها التصوير، إذ تم تثبيت هاتف ذكر على إحدى الطائرات، ومن ثم تسجيل مقطع فيديو للأماكن التي وصلت إلى الطائرة الورقية داخل الأراضي المحتلة.
ويوضح خلف أنه يتم العمل على إدخال تعديلات جديدة في الأيام القادمة، لكي تستطيع الطائرة الورقية تحمل أكثر من "جوال"، وتصور مسافات أبعد.
ويؤكد خلف أنه يحرص على عدم تعريض الشباب الثائر للخطر المباشر، وإيصال الرسائل بسلمية.
"انبثقت عن وحدة حماية المتظاهرين وحدات أخرى، منها وحدة الكاوتشوك ووحدة التعامل مع الغاز، ووحدة المسعفين، ووحدة الطائرات الورقية، ومؤخرا وحدة الشبح ومهمتها التواجد على الخط الأمامي ووضع الكاوتشوك في منطقة متفقة عليها، ووضع سواتر رميلة لتصعيب المهمة على القناصين، ومن أفراد هذه الوحدات من يحملون الشهادات الجامعية"، بحسب خلف.