يعمد الاحتلال إلى خلط الأوراق في المنطقة بين الجنوب والشمال، مع حماس ومع إيران، في غزة وفي سوريا، وفي ماليزيا وأخيرًا يقول في طهران، وسط حالة الطاووسية التي يعيشها رئيس وزراء الاحتلال ووزير الجيش وقادة الأجهزة الأمنية، وهو ضمن سياسة الاحتلال بخلط الأوراق في المنطقة لمواجهة ما يسميه المخاطر، وهي قد تكون واقعية وحقيقية، بل حتمية الوقوع لبعضها.
هي سياسة إسرائيلية قد انتهجها نحو التعامل مع العرب ضمن حالة الوهن التي يمرون بها، لكن بعضها تغير إلى حد ما، ودخلت عوامل ومتغيرات عدة عليها، لكن لا زال يعمل بنفس السياسة ، وفي جزء منها محاولة غيهام البعض أنه لا زالت لديه القوة ليعربد ويفعل ما يشاء في المنطقة ، ويصدقه في ذلك بعض الأنظمة العربية التي نعتها الرئيس الأمريكي ترامب بالضعيفة التي تعتمد على الولايات المتحدة في بقائها، وهنا إشارة لعلاقتها مع إسرائيل، التي انتقل بعضهم من الحياد إلى الشريك والتطبيع مع الاحتلال.
على حدود غزة يعيش الاحتلال حالة من الإرباك ويتحسب لمسيرة العودة القادمة في منتصف أيار ويضع العديد من سيناريوهات، وفي غالبيتها تدل على المواجهة التي يتحضر لها الفلسطينيون بطرق سلمية، أثبتت جدواها على مدار الشهر الماضي، وأخرجت الفلسطيني الثوري والمجاهد والمقاوم إلى الحدود ونسفت نظريات الاحتلال السابقة بأن الفلسطينيين قد استكانوا لواقعهم وتأقلموا مع مصيرهم بعد سبعين سنة من النكبة.
لكن كشفت المسيرات وخيام العودة على مدار شهر كامل عن صلابة الفلسطيني وإبداعه في استخدام أساليب المقاومة الشعبية السلمية مما أربك الاحتلال الذي سعى ولا زال لجرها لمواجهة مسلحة يتفوق فيها باستخدام آلة القتل المميتة والسلاح النظيف بالنسبة له أمام العالم، لذلك هو مرتبك ويسعى لخلط الأوراق، والقيام بعمليات قصف في قطاع غزة، وإيقاع الخسائر في صفوف المدنيين، ويلجأ إلى سياسة خلط الأوراق، تارة بأن المسيرات منظمة وتستهدف المس بجنوده لتبرير جرائمه وأخرى يأتي بجنرالاته وقادة الأجهزة الأمنية الرفيعة والتاريخية لمخاطبة الفلسطينيين بالعربية للعودة عن ذلك.
بعد شهر من فشل الاحتلال في التعاطي مع ذلك يسعى في الأيام القادمة ومع اقتراب موعد المواجهة المعرّفة بإزالة السلك لفاصل، إلى القيام بعمليات قصف في عمق غزة لجر المقاومة للرد وبالتالي الذهاب نحو تصعيد منظم بنسق محدد يضمن حرف الأنظار عن المنطقة الحدودية وإعادة المتظاهرين السلميين من الحدود تحت الإجبار وتوتير المرحلة، أو أعمال تفجير منظمة تمس الأمن الداخلي لصالح الاحتلال بسبل طرق تزعزع المواطنين لحين مرور المرحلة الحالية.
في كل الأحوال يدرك الاحتلال أن للمقاومة كلمتها ورؤيتها في الأحداث وتقيسها جيدًا تحقق فيها الردع للاحتلال وعدم الانجرار لمربع المواجهة الكبيرة، وبنفس الوقت حماسة المتظاهرين ومساندتهم وإفشال سياسة الاحتلال.