قالوا في الجاهلية: "القتل أنفى للقتل"، وقال القرآن الكريم: "ولكم في القصاص حياة"، وقال العلماء: إن كلمة القرآن أبلغ من كلمة الجاهلية، وما يجمع بين الكلمتين هو ضرورة معاقبة الظالم المعتدي على ظلمه، وإن تركه بغير عقاب أو قصاص يغريه وغيره على العدوان تلو العدوان. ومن هنا يمكن القول: إن فصائل المقاومة الفلسطينية تخطئ حين تترك الموساد الإسرائيلي يغتال علماء الشعب الفلسطيني وقادته في البلاد العربية والأجنبية دون ملاحقة وعقاب بالمثل.
قبل سنوات اغتال الموساد القائد محمود المبحوح في دبي، ولم تمتد يد القصاص لأي من رجال الموساد في العالم، وهو ما أغرى الموساد لاغتيال الزواري في تونس بحجة أنه يعمل لحساب حماس في صناعة الطائرات المسيرة، ولما لم تلاحق الموساد يد القصاص، أغراهم ذلك مؤخرًا على اغتيال العالم الدكتور فادي البطش الأستاذ الجامعي المهندس فادي البطش، بحجة أنه يعمل في ماليزيا لصالح حماس؟! وأنه متخصص في الطائرات المسيرة؟!
قلنا في مقالات سابقة إن الفكر اليهودي القديم والحديث يؤمن بجدوى الاغتيالات، فقد حاولوا اغتيال النبي صلى الله عليه وسلم قديمًا، وهم اغتالوا البطش وعشرات من العلماء من فلسطين والعراق ومصر وإيران وغيرها. وهذا يفرض تحد على الفصائل الفلسطينية في سؤال يقول ما هي الطريقة الأمثل في حماية علماء فلسطين وقادتها في خارج فلسطين من اغتيالات الموساد؟! وجواب السؤال يكمن في آية القصاص التي وصفت رد العدوان بأنه حياة، وعليه فإنه لا قيمة لقول السياسة نحن لا نعمل في الخارج؟! لأن في هذا القول ما يغري الموساد على امتلاك الساحات الخارجية منفردًا، وأن يغتال وقتما يشاء، وأينما يريد، لذا لا بد للفلسطينيين من إعادة النظر في اللعبة، والاحتكام إلى القرآن، والموروث العربي في هذه المسألة. إن الدفاع عن النفس، والمعاملة بالمثل، مشروعة، وهي من قواعد القانون الدولي، وهي لا ترتبط بمكان دون آخر، وطالما تفشل الدول في إحباط هجمات الموساد ضد الأبرياء من العلماء، فعلى هذه الدول تقبل تبعات القصاص. رحم الله فادي البطش، رحم الله شهداء فلسطين.