قائمة الموقع

​لُقمة من أيدي نساء "خُزاعة" تُجدّد في شباب الحُدود "الشّجاعة"

2018-04-22T07:20:18+03:00

افترشت النساءُ ساحةً من أرض خزاعة جنوب قطاع غزّة بجوار خيمة من خيام العودة، حيث الحدود الشرقية وسياج الاحتلال الإسرائيليّ يغرس في قلوب أهل المنطقة حزنًا و"ثورة"، ورُحنَ يخبزن على نار الحطب، وقد التفّ بعض الشّبابِ والأطفال منتظِرين حُصّة.

إحدى النساء تُكور العجين، وتتناوله أخرى وترش الطحين على "طَبليّة" ثم تفردُه بسرعةٍ قبل أن تتلقّفه ثالثةٌ باحترافٍ وتضعه على طبق الصّاج الملتهِب لهيب الشّوق للبلاد المسلوبة، بل وأكثر وفق تعبير ابتسام النجار من سكان منطقة بني سهيلة والبالغة 31 عاماً.

كانت النجّار ترقّق العجين بسرعةِ المكّوك دون أن تبالي برذاذه الذي غطّى ثوبَها وثيابَنا معها، لقد قرّرت مشاركة النساء ونيل شرف إطعام الشباب المشارك في مسيرات العودة خاصةً أولئك الذين يجمعون "الكوشوك"، وفق قولِها.

تروي لـ"فلسطين" وما تزال تمسك "الشَّوْبَك" بيديها اللتين لا تتوقفان عن فرد العجين: "جئت لأشارك في مسيرات العودة مثل كل المشاركين، فرأيت النّساء تعجن وتخبز وتقدّم الخبز طازجًا محشوًّا وغير محشوّ للشباب ولكل من يشعر هنا بالجوع، فتملّكتني الفكرةُ وشعرت بعظمِها وقيمتها رغم تعبِها".

وتواصل: "أخبرت زوجي برغبتي في مشاركتهنّ، فسعِد لذلك وقال لي (روحي اشتغلي)، بل وقرر أخذ طفلي ليعتني به طيلة فترة الخبز".

تبتسم وتوضح: "هنا يبرز معنى المشاركة الحقيقية بين الزوجين والتعاون، وهذا أقل ما يمكن أن نقدّمه في مسيرات العودة".

وتشارك ابتسامَ في صنع الخبز ساميةُ البريم (37 عامًا) من سكان بني سهيلة أيضًا، تقول لـ"فلسطين": "تجمّعنا هنا نحن نساء الحارة، وتعرّفنا على نساء جُدد ممن أحببنَ مشاركتنا، حيث جمعتنا مسيرات العودة وحبّنا للوطن والتراث".

وكذلك تمارة النّجار التي لا تكلّ أو تتعب من صنع خبز الصاج، وفق حديثها، فكانت مشاركةً مع النساء، فتقول لـ"فلسطين": "تعبنا يزول أمام شعور الشباب وكل المشاركين بأننا يد واحدة وعائلة واحدة".

وتضيف: "إن لم نقف اليوم مع إخوتنا وأولادنا فمتى نقف؟!".

أولادنا سندنا

وكانت الحاجة أم علاء البريم (53 عامًا) صاحبة فكرة إطعام الشباب على الحدود الشرقية قد رأت "حال الشباب الثائر والمشارك في مسيرات العودة خاصة يوم الجمعة وكيف يكونون متعبين وعطشى يتقاسمون شربة الماء وهم بعيدون عن بيوتهم"، وفق وصفها، فاقتَرَحت على نساء المنطقة اللواتي اعتدن أن يجتمعن في أحد المساجد للصلاة وحضور الدروس والندوات الدينية أن يقدّمن شيئًا لهم.

تعبر: "هؤلاء أولادنا، وهم سندنا، ولقمة هنيّة ساخنة يجدونها أمامهم في عزّ تعبهم ترفع من معنوياتهم وتمدّهم بالطاقة، وتجدّد فيهم النشاط والشّجاعة وتدفعهم للاستمرار، خاصة شباب الكوشوك".

وتقول: "إننا هنا كأسرةٍ واحدة، وهذا هو المعنى الحقيقي للتآخي والتكافل الاجتماعي، فالأرض تجمعنا وتوحدنا وتربط بين أبنائنا".

وتضيف: "وجدتُ تفاعلاً واستحسانًا وحماسًا كبيرًا من النساء، وصرنا نأتي بالدقيق من بيوتِنا قدر المستطاع والمتوافر لدينا، فنعجن ونخبز كيسًا أو اثنين يومًا بعد يوم، ونطبخ ما يمكن أن نطبخه ونحشوه لهم".

وكان الشاب حسين الرّقب (21 عامًا) ينقلالحطب ويجهزه، ويأتي بكل المواعين والأغراض اللازمة للعجين من بيته مساعدًا لأمه أم خالد الرقب (62 عامًا) التي ترفع يداها للسماء وتدعو للشباب أن يحميهم الله ويقف معهم ويكونوا سندًا للأمة وللبلاد، معبرةً: "الوطن والبلاد والأسرى في سجون الاحتلال والظلم الذي نعيشه جميعنا، كل هذه الأمور تجمعنا وتوحدنا، والله وحده هو من ينصرنا".

اخبار ذات صلة