الإعلام العربي -إلا من رحم ربك- لا يغطي مسيرات العودة الكبرى وفك الحصار تغطية تتناسب مع تضحيات الشعب الفلسطيني. لست أدري لماذا هذا الموقف السلبي؟ بينما تزعم القمة العربية الأخيرة أن القضية الفلسطينية هي قضية العرب المركزية؟! لو كانت القمة صادقة بشكل عملي لوجدنا ترجمة لهذه المصداقية في الإعلام نفسه. الإعلام عادة يترجم الموقف السياسي ويشرحه ويروج له.
إن فشل الإعلام العربي في تغطية مسيرات العودة، وما يصاحبها من تضحيات للشباب الفلسطيني، مع إفراط للعدو في استخدام الرصاص المتفجر في قنص الصبية، وإرسالهم للإعاقات الدائمة، هو علامة على أن الموقف السياسي العربي الذي جاء في القمة كان موقفا شكليا لا روح فيه، ولا أمل معه؟!
أربعة آلاف مصاب، وخمسة وثلاثون شهيدًا، ومئات الآلاف من المتظاهرين، لم يتحرك الإعلام العربي خطوة إلى الأمام في فضح (إسرائيل) وتعرية تصرفاتها. لاحظ أننا لا نتحدث عن تحريك الجيوش العربية خطوة إلى الأمام، نحن نتكلم عن تحريك الألسنة العربية لكي تتفاعل مع الصورة القادمة من ساحات مخيمات العودة، ومن المشافي الغزية، التي تضج بالقصص الإنسانية.
ممثلة يهودية ترفض تسلم جائزة إسرائيلية بقيمة مليوني دولار لأن جيش الاحتلال الإسرائيلي يقتل الأطفال في المسيرات السلمية، بينما المطبعون العرب يبحثون عن عقد صفقات تجارية مع دولة تحتل الأرض، وتقتل الأطفال؟!
قيادات في الأمم المتحدة، منها الأمين العام، وميلادينوف مبعوث الأمين العام للسلام، يطالبون بإجراء تحقيق دولي محايد في قتل الجيش للأطفال والصبية في مسيرات العودة السلمية، بينما يقف القادة العرب، وإعلامهم الهزيل موقف المتفرج، الذي لا يعنيه الأمر، وكأن فلسطين وغزة ليستا جزءا من الأمة العربية ؟!
غزة التي تحمل وحدها، أو تكاد تتحمل وحدها همّ القدس والعودة، لا تجد من قادة العرب من يتبرع لها بالمستلزمات الطبية لعلاج المصابين، ولا تجد من يفتح الطريق أمام الأطباء العرب والخبراء في إصابات الحرب للدخول إلى غزة للمساعدة في علاج المواطنين؟! إنه إذا فشلت الحكومات العربية في القيام بواجباتها نحو غزة، فيجدر بها أن تترك للشعوب ومؤسسات المجتمع المدني القيام بهذه الواجبات.
شهر كامل من الحراك السلمي بما فيه من مدافعة وقتل وإصابات لم يحرك النظام العربي التعيس، بينما كان يتحرك هذا التعيس عندما يقع قتيل صهيوني واحد بانفجار حافلة في زمن يحيى عياش؟! نريد من النظام العربي أن يعامل سكان غزة معاملته لليهود، وعندها سيكون خبر مسيرات العودة هو الخبر الأول في وسائل الإعلام العربية؟! يا عرب، إن لم تنصروا غزة بأعمالكم وأموالكم، فانصروها بألسنتكم، وهذا أضعف الواجبات، إن كنتم تعقلون؟!