فلسطين أون لاين

​جمعة "الشهداء والأسرى".. لوحة وطنية تجمع الشبان والفتية والشيوخ

...
شبان يشاركون في مسيرة العودة شرق غزة (تصوير / ياسر فتحي)
غزة - نور الدين صالح

حين دخولك مخيم العودة شرق البريج في المحافظة الوسطى، تقابلك لافتة كبيرة غُرست أوتادها في الأرض، تضم صور الشهداء الذين ارتقت أرواح عدد منهم في تلك المنطقة، وأخرى لأسرى لا يزالون يقبعون خلف زنازين الاحتلال الاسرائيلي.

تلك اللافتة شدت انتباه الحاج أبو أيمن النباهين (70 عاماً) الذي جلس على مقربة منها يحدث بها من حوليه تارة وأخرى ترنو عيونه نحو السياج الفاصل، حيث تتمركز قوات جيش الاحتلال وقناصته "الغادرة".

"جئنا هنا للمشاركة في مسيرات العودة، كي نعود إلى بلادنا المحتلة "بئر السبع" بإذن الله"، هكذا بدأ النباهين حديثه عن طبيعة مشاركته في الجمعة الرابعة للمسيرة السلمية.

يصمت قليلاً وهو يرتكز على "عكازه" وقد ارتدى الكوفية الفلسطينية على رأسه، مضيفاً "هذا احتلال غاشم، مغتصب لأرضنا، لكننا يجب أن نعود لبلادنا المحتلة".

ويرى في خطوة تخصيص الجمعة الرابعة للشهداء والأسرى "مهمة"، إكراماً لهم على ما قدموه من تضحيات فداءً لفلسطين.

فيما يؤكد صديقه حسين أبو هميسة (53 عاماً) الذي قدم من البريج، تمسك الفلسطينيين بحق العودة لأراضيهم المحتلة "حتى نعيش بكرامة ونأكل من خيراتها".

والخمسيني أبو هميسة هو والد الشهيد عبدالرحمن، الذي ارتقى قبل 9 شهور في تلك المنطقة، وهو الدافع الثاني لمشاركته في مسيرات العودة الكبرى، على خطى نجله.

وعلى بُعد أمتار قليلة، تجمهر عدد من الشبان الغاضبين أمام عشرات إطارات السيارات "التالفة"، يخططون كيف يشعلونها قرب السياج الفاصل للتعتيم على قناصة الاحتلال.

وتقدم إسماعيل القريناوي (41 عاماً) الشبان، مشيراً في حديث لصحيفة "فلسطين" إلى "أنهم سيستخدمون كافة الوسائل البسيطة المتاحة، من أجل إرهاق جيش الاحتلال واستعادة حقنا في أراضينا المحتلة".

ويقول القريناوي: "لم نغادر خيام العودة منذ بدايتها، وسنواصل تواجدنا هنا، حتى تحرير كامل فلسطين من أيدي العصابات الصهيونية التي سرقت أرضنا وهجرت أجدادنا منها".

والقريناوي أب لأربعة أطفال وجاء من البريج مصطحباً عائلته، قائلاً: إن خيام العودة أعادت لأذهان الشعب الفلسطيني صغاره وكباره معنى حق العودة الذي يحرمون منه منذ احتلال فلسطين قبل 70 عاما.

لحظات قليلة حتى شكل دخان الإطارات المشتعلة سحابة كبيرة من الدخان الأسود، وعلى إثر ذلك صب جنود جيش الاحتلال الذين تواروا خلف تلال رملية مرتدين أقنعة وقائية من الدخان-جام غضبهم على الشبان السلميين بإطلاق كثيف لقنابل الغاز والنيران الحية بغية تفرقتهم.

ورغم تأثره الشديد من كثافة الغاز المسيل للدموع بدا الشاب أحمد رضوان متماسكا وقويا وهو يصر على التقدم نحو السياج الفاصل لإلقاء الحجارة.

ويقول رضوان (29 عاما) لصحيفة "فلسطين": "سنقاوم الاحتلال بكل الوسائل التي نملك، مهما كلفنا الثمن، (..) أروحنا رخيصة لأجل فلسطين"، مشيراً إلى أنه سيواصل المشاركة في مسيرة العودة السلمية حتى العودة للأراضي المحتلة.

فيما يرى حسن الحشاش (56عاماً) أن نسب الجمعة الرابعة للشهداء والأسرى "دليل إكرام للآلاف من الشبان والفتية والنساء والأطفال والشيوخ الذي قدموا أرواحهم وسني عمرهم من أجل فلسطين، من أجل حريتها من الاحتلال الظالم".

ويقول الحشاش، الذي تنحدر أصوله من بلدة يافا المحتلة: إنه سيواصل المشاركة في مسيرات العودة "مهما كلّف الأمر، فللحرية ثمن باهظ ولا تأتي دون وتضحيات".

ويضيف لصحيفة "فلسطين": "هذا المحتل واهن إذا ظنّ أنه يرهبنا ويثنينا عن تمسكنا بحق العودة، من خلال إطلاق الرصاص على المشاركين في مسيرة العودة السلمية".

ويشدد على أن "حق العودة مقدس، وهو ما يجب أن يعرفه العالم كله، فنحن أصحاب حق وشعب حر يريد الحياة أسوة بغيره من شعوب الأرض"، معتبراً خيام العودة "خطوة جريئة تستحق الاحترام من القائمين عليها".

وقبل أن يختفي بين الجموع ردد هتافات الواثق بوعد الله "عائدون إلى أرضنا يافا وكل الأراضي المحتلة بإذن الله، وسنزرع الزيتون والبرتقال في أراضينا المحتلة، وكل محاولات وقف مسيرة العودة ستبوء بالفشل".

وانطلقت مسيرات العودة في الثلاثين من الشهر الماضي، بالتزامن مع إحياء الذكرى الـ 42 ليوم الأرض الفلسطينية، فيما من المتوقع أن تصل ذروتها في الخامس عشر من الشهر المقبل، تزامناً مع الذكرى السبعين للنكبة الفلسطينية.