أصاب تأخير صرف رواتب موظفي السلطة في قطاع غزة الأسواق التجارية والشعبية بالكساد الحاد، وسط تحذيرات من مغبة انعكاس ذلك على الجوانب الاجتماعية.
ويساور القلق الموظفين المدنيين والعسكريين من إقدام حكومة الحمد الله على وقف صرف رواتبهم في إطار تهديدات رئيس السلطة محمود عباس بفرض مزيد من العقوبات على القطاع المحاصر منذ 11 عاماً.
فسوق الزاوية القابع وسط مدينة غزة، الذي يعد قِبلة الموظفين يخلو من المتسوقين إلا القليل، وأضحى يشكو قلة البيع التي زادت حدتها عقب عدم صرف رواتب موظفي السلطة عن شهر مارس/آذار.
يقول بائع الخضروات أيمن الميدنة لصحيفة "فلسطين": إنه اعتاد أن يبيع في الأسبوع الأول من استلام موظفي السلطة رواتبهم قرابة 2500 شيقل.
وعبر عن قلقه من تلف الخضار إن بقيت مرصوصة داخل متجرة دون تصريف.
كما أصاب الركود محال بيع اللحوم الطازجة والمجمدة، وبين صاحب متجر في سوق فراس وسط المدينة يدعي "أبو أنس" أن عدم تلقي الموظفين رواتبهم، وزيادة ساعات انقطاع التيار الكهربائي، أثرا على بيع اللحوم.
وأضاف لصحيفة "فلسطين" أن المواطن يشتري أقل من احتياجه الأساسي بسبب الظروف الاقتصادية العامة، وتخوفه من فساد اللحوم لعدم توفر كميات كهرباء كافية لحفظها.
وطال الكساد محال بيع الملابس في شارع عمر المختار على الرغم من الأسعار المخفضة، وحملات التنزيلات المتلاحقة.
وعبر بائع الملابس أبو البراء الشرفا عن استيائه الشديد من الحال الذي وصل إليه.
وقال لصحيفة "فلسطين" إن حركة السوق تراجعت بشكل حاد بعد تأخير صرف الرواتب، مشيراً إلى أن وضع السوق يتهاوى منذ اتفاق المصالحة الذي أبرم بين حركتي فتح وحماس برعاية مصرية في اكتوبر الماضي.
وأكد الشرفا أن ديونه على التجار والزبائن تقدر بــ 30 ألف شيقل، يعجز عن تحصيلها تفهماً للظروف الاقتصادية السائدة عند الجميع في غزة.
ويساعد اثنان من العمال الشرفا في المحل، لا يستطيع تسريحهما نظراً لإعالتهما أسراً.
وقلل الشرفا من حجم استيراده الخارجي، وقال:" قبل نحو العام كنت أستورد5-6 حاويات ملابس، أما اليوم فأستورد نصف حاوية".
وطالب حكومة الحمد الله بإعادة النظر في الضرائب المفروضة، ومراعاة تحصيلها.
ويشير بائع الملابس أبو محمد مشتهى في شارع عمر المختار إلى أن المواطن يغير أولوياته، إذ إنه يعطي تأمين الاحتياجات الأساسية الأولية في الوقت الراهن.
وبين مشتهى لصحيفة "فلسطين" أن إقبال المواطنين على السوق انخفض إلى مستويات حادة، على الرغم من تقديم المحال أسعارا مخفضة وتنزيلات عديدة.
وكان رئيس السلطة محمود عباس فرض في أبريل من العام الماضي إجراءات عقابية ضد القطاع، أبرزها تقليص كمية الكهرباء الواردة له، وخصم ما نسبته 30 إلى 50% من رواتب موظفي السلطة وإحالات بالجملة للتقاعد، عدا عن تقليص التحويلات الطبية.
وفي السياق، أكد المختص في الشأن الاقتصادي د.أسامة نوفل أن قطاع غزة يتعرض لانهيار اقتصادي ينبغي التحرك العاجل لتداركه قبل فوات الأوان.
وقال لصحيفة "فلسطين": إن اقتصاد قطاع غزة في تهاوٍ حاد، بفعل الحصار المفروض منذ 11 عاماً ومواصلة السلطة فرض عقوباتها التي عمقتها بتأخر صرف رواتب موظفيها بغزة"، مشيراً إلى أن رواتب السلطة محرك رئيسي للأسواق.
وحذر من مغبة استمرار السلطة في عدم صرف رواتب موظفيها ، مبينا أن ذلك سيكون له تأثير سلبي على الاقتصاد والمجتمع.
وتوقع نوفل أن يسجل مؤشر دورة الأعمال في ابريل الجاري إن استمر وقف صرف الرواتب قراءة أسوأ من مارس الماضي الذي سجل -30%.
وأكد تسجيل حركة البضائع على المعابر تراجعا متواصلا في الواردات ، حيث سجلت في أدنى مستوياتها 90 شاحنة في اليوم، في حين أن الواردات كانت تفوق 700 شاحنة في اليوم.