فلسطين أون لاين

​"شيئا منك ..لا بد وأن يسلب "

...
ربا إسماعيل

ما زلت مقتنعة بأن الله لم يكملنا لحكمة ..لغاية عظيمة ..لئلا نفتتن !

تخبرني أختي يوما عن احداهن وهي في غاية الجمال والروعة وتملك عقلا حكيما ورؤية ثاقبة وأكرمها الله بحب هذا الدين والتمسك بشعائره وتضيف " ربنا اعطاها كل شيء ..كاملة مكملة " فابتسمت يومها وقلت لها :" أتعلمين ..هي مريضة ! فالله سلب شيئا منها يا عزيزتي "

تأملت بحالتنا كبشر وكيف أن الله يعطينا كثيرا وربما من حولنا يروننا كاملين ! وداخلنا يمتليء بالنقص الذي لا يعلمه سوانا .. كامن بدونه نفتقد لبشريتنا التي لا تكتمل إلا إن ترنحت بين كمال ونقص ..!

فحينما خلقنا الله جعلنا بشرا ناقصين ليرى كيف نخلفه بهذه الأرض و نعبده ونطيعه بالمعرفة فيه والحب له .. ولم يكملنا كالملائكة نفعل ما نؤمر فقط ..منحنا عقلا وقلبا وروحا ونفسا وربما نتوقف عند النفس وما تحوي داخلها وكيف أن الله سلبها الكمال لتظل خاضعة إليه منقادة لاوامره بحب ورضا متواضعة بين جميع خلقه لا تغتر بكمالها على باقي الأنفس ! فيعتقد فريق من البشر سلبو شيئا ظاهرا أن الله ليس بعدل .. وحاشاه !

ما نراه بأعيننا يجب ألا نراه بكل جوارحنا ..فهي وانا وأنت جميعنا حرم من شيء وأحيانا أشياء يعجز الناس عن معرفتها أو إدراكها ورؤيتها .. فتلك تعيش وسط أسرة فقيرة تحمل على عاتقها أما وأبا مريضين تتولى عنايتهم ورعايتهم وحرمت نفسها من الزواج وانجاب الاطفال لأجل خدمتهم .. سلبت زينة الحياة الدنيا ونحن نعتقد أنها متكبرة على الرجال تريد واحدا "خرافيا " لأجل شغلها لوظيفة ما تدر مالا عليها .. نعتقد أنها الاشد سعادة وفرحا ولا ندرك أنها سلبت زينة الحياة رغما عنها !

وأخرى تزوجت رجلا غير صالح وعاشت معه أقسى اللحظات وتخرج وترتدي أجمل لباس وأعظم ابتسامة تمنحنا ونغبطها ولا نعلم ماذا سلب منها !

وذاك تولى مهمة إخوته وأمه بعدما توفي والدهم وحتى اللحظة لا يستطيع الزواج مع انه بلغ ما يفوق الثلاثين ربيعا وباعتقادنا أنه يريد امرأة فاتنة لأجل جماله الذي يخفي وراءه ألما عظيما !

وكثيرة هي الأمور النفسية والروحية والجسدية التي تسلب من كل واحد فينا وتخفى علينا .. مرة ملامحنا تخفيها .. ومرة حديثنا .. ومرة قوتنا بمواجهة أي شيء ..لذا علينا جميعا أن نستسلم لأقدار الله برضى تام وألا ننظر لغيرنا بنظرة الكمال ونحسده عليها ..فكل امرء يخفي وراء براءة ملامحه أمورا لا يعلمها إلا الله وما علينا في هذه الدنيا سوى أن نتوكل على الله ونرضى ونحمده ونشكره في كل لحظة على ما وهبنا اياه وحينما تسول لنا نفوسنا النظر للآخرين فلننتفض ونردد " شيئا منك ..لا بد وأن يسلب "

فحالة الرضا هذه هي نقطة بإمكانها أن تجعلنا الوقود للتغيير في حياتنا ^^