فلسطين أون لاين

أبو جراد: جريمة الرواتب قد لا تكون الأخيرة

​رواتب موظفي السلطة بغزة.. بين العقاب السياسي ومزاعم الخلل الفني

...
غزة - نور الدين صالح

تسود حالة من الترقب والقلق بين أوساط موظفي السلطة في غزة؛ نتيجة تلكؤ الحكومة في صرف رواتبهم لأكثر من 15 يوماً، دون إبداء الأسباب الحقيقية لذلك وتضارب التصريحات الصادرة عن مسؤوليها.

وما يزيد الأمور تعقيداً هو سياسة التكتيم الإعلامي التي يتبعها قادة السلطة ووزراء الحكومة حول تحديد موعد صرف الرواتب، واكتفاء وزارة المالية بالتذرع أن التأخير ناجم عن خلل فني دون توضيحه، في حين جرى صرف رواتب موظفي السلطة بالضفة.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن رواتب موظفي السلطة لم تشهد تأخيراً في صرفها سابقاً لمثل هذه الفترة، وهو ما يترك تساؤلاً مهماً حول ما إذا كان التأخير يأتي ضمن الإجراءات العقابية التي تتخذها السلطة ضد غزة منذ عام.

وكانت آخر التصريحات، لعضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" عباس زكي، الذي قال إنه لم يصدر أي قرار بشأن قطع رواتب موظفي السلطة في غزة، خلال اجتماع اللجنة المركزية لحركة "فتح"، وقد جرى إبلاغهم من قبل وزارة المالية بأنه يوجد خلل فني وسيتم حل الإشكالية خلال الأيام القليلة المقبلة.

جريمة نكراء

واستهجن نقيب الموظفين العموميين في السلطة عارف أبو جراد، السياسة التي تتبعها السلطة في التفرقة بين موظفيها في غزة والضفة، مؤكداً رفضه لمبرر "الخلل الفني" الذي تتذرع به وزارة المالية.

ووصف أبو جراد لصحيفة "فلسطين"، المماطلة بصرف الرواتب بـ "الجريمة النكراء بحق موظفي السلطة في قطاع غزة"، مرجحاً أنها قد لا تكون الجريمة الأخيرة التي تتخذها السلطة والحكومة ضد غزة.

وقال: إن "الحكومات المتعاقبة تتفنن في العقوبات على قطاع غزة"، متسائلاً "ما هو ذنب الموظف الذي أجبرته الحكومة على ترك الوزارة في غزة؟".

ولم يستبعد أن يكون سبب تأخر صرف الرواتب لأسباب سياسية، متسائلاً "لماذا اقتصر الخلل الفني على غزة دون الضفة؟".

وبيّن أن نقابته لم تتمكن من التواصل مع وزارة المالية في رام الله لمعرفة الأسباب المتعلقة بتأخير الرواتب وطبيعة الخلل الفني، لافتاً إلى وجود حالة غضب في الشارع الفلسطيني، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية التي يمر بها القطاع.

في المقابل، ذكر أبو جراد، أنه لم يقر أي مسؤول في السلطة بأن تأخير صرف الرواتب، يأتي ضمن العقوبات على الموظفين في قطاع غزة.

وأشار إلى أن موظفي السلطة سينظمون وقفة احتجاجية أمام مجلس الوزراء، غدًا، بالتزامن مع انعقاد جلسة الحكومة في رام الله، رفضاً لتأخير صرف الرواتب.

كما نفى الناطق باسم موظفي تفريغات 2005 رامي أبو كرش وجود أي تطمينات بشأن صرف رواتب موظفي السلطة بغزة، معتبراً مبرر الخلل الفني المتداول "غير منطقي".

وقال أبو كرش لصحيفة "فلسطين": "لا يمكن تصديق مبرر الخلل الفني والقبول به، في ظل عدم وجود أي تصريح رسمي من الحكومة حول موضوع الرواتب".

وأضاف "لو كان هناك خلل فني يجب على الحكومة ووزارة المالية الخروج للموظفين وتوضيح طبيعة الخلل الفني الذي يستدعي تعليق صرف الرواتب لـ 15 يوماً".

واعتبر صمت المسؤولين والوزراء وتبريراتهم حول موضوع الرواتب يأتي في إطار "السذاجة والغموض"، ويشير إلى "أن قرارا غير معلن بوقف رواتب الموظفين في غزة"، وفق تقديره.

واستدل بتصريحات عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" عزام الأحمد، حول رواتب الموظفين، التي تحمل في مضمونها نوايا قطع الرواتب عن موظفي السلطة في غزة.

وشدد أبو كرش على ضرورة عدم زج رواتب الموظفين في التجاذبات السياسية، لأن الراتب حق كفله القانون، لافتاً إلى أن هذه التصرفات والممارسات تؤشر لمعطيات خطيرة "وقطع الرواتب له نتائج وكوارث إنسانية، تتحمل مسؤوليتها الحكومة والسلطة".

سياسة مرفوضة

بدوره، أكد عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية طلال أبو ظريفة، رفضه لسياسة السلطة في تأخير صرف رواتب موظفيها في غزة دون الضفة، مشدداً على أن "الراتب حق للموظف وفقاً لقانون الخدمة المدنية والعسكرية".

وقال أبو ظريفة لصحيفة "فلسطين": "لا يجوز بأي شكل من الأشكال استخدام لقمة العيش في إطار المناكفات والتجاذبات السياسية"، مؤكداً رفضه للمبررات التي تسوقها العديد من تصريحات مسؤولي السلطة.

وعّد تأخير صرف الرواتب "ضمن إجراءات السلطة ضد قطاع غزة"، مشدداً على ضرورة رفعها خاصة في ظل الأوضاع التي يعيشها أهالي غزة، وانطلاق مسيرة العودة الرافضة لسياسات الاحتلال والولايات المتحدة.

ودعا أبو ظريفة الحكومة إلى تولي مهامها في قطاع غزة بشكل كامل، وإزالة العقبات من طريق المصالحة، والعمل على إنهاء الانقسام السياسي.

وفرض رئيس السلطة محمود عباس في إبريل عام 2017 إجراءات عقابية ضد غزة، وشملت خصم أكثر من 30% من رواتب موظفي السلطة، وتقليص الكهرباء، والتحويلات الطبية، وإحالة الآلاف إلى التقاعد المبكر الإجباري.

وكانت حركتا "حماس" و"فتح" وقعتا في 12 أكتوبر 2017، اتفاقًا لتطبيق بنود المصالحة في القاهرة برعاية مصرية.

وسلمت حماس الوزارات والهيئات والمعابر كافة لحكومة الحمد الله التي زار وزراؤها مرات عديدة قطاع غزة، وأعادت أعدادًا من الموظفين القدامى لوزاراتهم، واستلمت إدارة معابر قطاع غزة، دون أن تقدم أي خطوات لتحقيق المصالحة بما فيها اعتماد موظفي غزة الذين عينوا بعد عام 2007م.