فلسطين أون لاين

في ميدان مسيرة العودة.. المرأة "أيقونة" لا تغيب

...
غزة- نبيل سنونو

تتقدم الصفوف، تتخذ موقعها جنبًا إلى جنب أبناء شعبها: الطفل والشيخ والشاب، وتتلقى معهم سيل الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع، التي تواجه بها قوات الاحتلال الإسرائيلي المشاركين السلميين في فعاليات مسيرة العودة الكبرى، على بعد مئات الأمتار من السياج الفاصل بين قطاع غزة وفلسطين المحتلة سنة 1948.

ويقيم الفلسطينيون خياماً بيضاء من القماش، تحاكي تلك التي كانت موجودة في فلسطين المحتلة قبل النكبة، التي دمرت العصابات الصهيونية خلالها مئات القرى الفلسطينية.

"جئنا للأسبوع الثالث على التوالي، لنؤكد لكل العالم أن الشعب الفلسطيني ما زال متمسكاً بثوابته وسيظل كذلك"، والكلام هنا لمنسقة لجنة المرأة في الهيئة العليا لمسيرة العودة اكتمال حمد، التي جلست بين بقية النسوة أمام إحدى الخيام، شرق غزة، أمس.

وقالت حمد لصحيفة "فلسطين"، إن حرق علم دولة الاحتلال رسالة للعالم أجمع، بأن الأخيرة تقوم على خرافات، وأنه "يجب إزالتها"، وأن يرفع العلم الفلسطيني على كامل فلسطين التاريخية.

وفي السادس من الشهر الجاري، شكّل مشاركون في المسيرة السلمية، ما يشبه جداراً أسود قرب السياج الفاصل، أمام قناصة جيش الاحتلال عندما أشعلوا إطارات السيارات "كاوتشوك"، أما أمس، حملت فعاليات المسيرة اسم "جمعة رفع العلم" الفلسطيني، كما أحرق نشطاء علم دولة الاحتلال، وداسوه بأقدامهم.

وسخرت حمد من انتقاد المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، في منشور عبر صفحته في فيسبوك، للمرأة الفلسطينية المشاركة في مسيرة العودة السلمية، مبينة أن المرأة الفلسطينية المناضلة تكرس حياتها وأبناءها خدمة للوطن، وستظل أيقونة النضال.

على بعد أمتار كانت الأربعينية هنادي سكيك تسير إلى جانب مجموعة من النسوة المشاركات في المسيرة، قائلة لصحيفة "فلسطين"، إن رسالتها أنها تربي أبناءها على الصلاح وحب الوطن وأن الحق لا يسقط بالتقادم حتى لو بعد مئات السنين.

ورداً على تهديدات جيش الاحتلال للمشاركين في المسيرة، قالت: "العمر واحد، ولا نخاف من أحد".

ووصفت الشابة العشرينية بلسم الجديلي التي كانت برفقة بعض الشابات في المسيرة نفسها، المرأة الفلسطينية بالصالحة، التي تسعى لتحرير بلدها ووطنها.

واتفقت مع سابقتها في إبداء عدم اكتراثها بتهديدات الاحتلال المستمرة للمسيرة المطالبة بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم المحتلة، وفقاً للقرار الأممي 194.

درعٌ حامية

إنه "الحق"، والكلام هذه المرة لأم عبد الحليم بخيت (42 عاماً) من ميدان المسيرة، ويتمثل ذلك بحق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم المحتلة.

وأضافت لصحيفة "فلسطين": "هذا الحق يحتاج من يطالب به، وأنا أطالب وأولادي وكل عائلتي من بعدي، هذا حقي لا بد أن أحصل عليه من الاحتلال الذي تهجم على أرضي".

وأرجعت بسالة الفلسطينيين بالنضال رغم الأسلحة الفتاكة التي هي بحوزة الاحتلال، إلى أنهم يمتلكون الحق، الذي يمثل قوة.

وبينما كانت مجموعة من النسوة يهتفن: "راجع على بلادي"، كانت الخمسينية أم أمين الحديدي منشغلة بشرح تمسكها بحق العودة، موضحة لصحيفة "فلسطين" أن المرأة الفلسطينية "ومن واقع عقيدتنا وشرعنا" هي بجانب الرجل في كل مجالات الحياة بما في ذلك النضال ضد الاحتلال.

وتساءلت: "إنْ كنا لا نجعل أجسادنا درعاً لأبنائنا نحميهم من رصاص وغدر المحتل فما قيمة وجودنا؟"، مردفة: "لن نكون إلا جنباً إلى جنب أزواجنا وأبنائنا وإخوتنا حتى نصل إلى التحرير بإذن الله".

وقللت من شأن أسلحة جيش الاحتلال، بقولها: "والله لن يأخذ الروح إلا خالقها، هذا إيمان ويقين، وإن لم نكن سبباً في التحرير فلتكن أجسادنا جسراً لمن يعبرون للتحرير".

والحديدي واثقة تماما بأن الفلسطينيين سيعودون إلى أرضهم المحتلة منذ 1948، قائلة بكل حسم: "هذا وعد الله".

وأضافت: "هذا أمر من القرآن الكريم، ثابت لا ريب فيه، ومهما طال الزمن سنعود".

وذكرت أن يوم الجمعة على نحو خاص، عند الفلسطينيين هو لتجمع الأسرة، لكن ها هم يجتمعون شرق غزة "لكي يتقدموا إلى الجنة وتحرير الأقصى".

وتممت بأن الفلسطينيين قاوموا على مدار العقود الماضية، الاحتلال الإسرائيلي، شعبيا، وعسكريا، ومن خلال صمودهم، محذرة من أن الضغط الناتج عن ممارسات الاحتلال ستؤدي إلى انفجار لن يوجه إلا في وجه الأخير وقياداته.

ولم تنجح كل جرائم الاحتلال في ثني المرأة الفلسطينية عن مواصلة نضالها، وهو ما تثبته مشاركتها الفاعلة في مسيرة العودة السلمية التي من المقرر أن تبلغ ذروتها في 15 مايو/أيار المقبل، لكنّ مقابلة سلطات الاحتلال هذه المسيرة بالرصاص أوقع في صفوف الفلسطينيين آلاف الجرحى والشهداء منذ 30 مارس/آذار الماضي.