حين يكون مجلس الأمن أداة عقيمة فإنه من البدهي أن يفشل في تشكيل لجنة تحقيق مستقلة في هجمات الكيمياوي على دوما في سوريا في مطلع شهر أبريل ٢٠١٨م. الفشل جاء بسبب اتخاذ روسيا الفيتو ضد مشروع القرار الأمريكي. الفشل تكرر ست مرات على الأقل في السنوات القليلة الماضية للسبب نفسه (الفيتو الروسي). أطفال دوما يموتون بالسارين والكلور، وروسيا تكرّس قوتها ومكانتها لخدمة نظام قاتل لشعبه.
مجلس الأمن أداة عقيمة لأن تشكيلته البنيوية مختلة، ولا يمكن أن يكون أداة فاعّلة لحفظ السلام العالمي، وحفظ حقوق الإنسان ومعالجة الحروب والصراعات. روسيا مثلاً تقوم بحماية النظام السوري، حتى ولو دمّر النظام نصف سوريا، واستخدم الكيماوي في دوما وغيرها. وأمريكا في الوقت نفسه تقوم بحماية إسرائيل في احتلالها، وفي حروبها، وفي حصارها لغزة.
إن فشل مجلس الأمن في حماية الشعب السوري، وحماية الشعب الفلسطيني من تغولات (إسرائيل) وكانت آخر جرائمها قتل المتظاهرين السلميين والصحفيين في مسيرة العودة الكبرى. إن الفشل والعقم، يستدعيان إعادة بناء مجلس الأمن على أسس جديدة، بحيث لا يكون الفيتو عائقاً أمام المجلس في معالجة المشاكل التي تهدد السلم العالمي.
من البدهي أن تقف الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن ضد مشروع إصلاح الخلل البنيوي في المجلس، سواء بتوسيعه وزيادة عدد الدول الدائمة، أو تغيير آلية التصويت، أو بإلغاء نظام الفيتو، وإيجاد آلية بديلة.
إذا كانت داعش حركة إرهابية شكلت الدول الكبيرة لها تحالفاً دولياً للقضاء عليها، فإن النظام السوري، والنظام الإسرائيلي يمثلان إرهاب الدولة بكل جدارة، ولكنهما نظامان يفلتان عادة من العقاب، لأن روسيا تحمي النظام السوري، وأمريكا تحمي إسرائيل، وهذا يعني أن نظام مجلس الأمن مختل، وأن القوي يفلت من العقاب، ومن كان ضعيفاً فعليه أن يتحالف مع روسيا أو أمريكا.
مجلس الأمن لا يحكمه القانون الدولي، أو قوانين المجلس نفسها، بل هو محكوم للسياسة القائمة على مصالح الدول دائمة العضوية. روسيا تدافع عن النظام السوري بدافع سياسي ومصالح مشتركة، وأمريكا تدافع عن إسرائيل بدوافع سياسية ومصالح مشتركة والقوانين الحاكمة لنشأة مجلس الأمن تحت بساطير سياسة الدولة العظمى.
حين استخدمت إسرائيل الفسفور الأبيض، والنابالم، واليورانيوم المنضب، والقنابل العنقودية ضد المدنيين الفلسطينيين في غزة، فشل مجلس الأمن في معاقبة إسرائيل، وحين استخدم الأسد السلاح الكيمياوي ضد المدنيين في دوما في الغوطة الشرقية، وفي خان شيخون من قبل، فشل مجلس الأمن من إدانة النظام أو معاقبته، وربما سيبقى وضع الفشل على حاله ما لم تنجح دول العالم في إعادة بناء مجلس الأمن على أسس جديدة، بحيث يكون القانون هو الحكم بعيداً عن السياسات المتشاكسة للدول دائمة العضوية في مجلس الأمن. العالم في حاجة إلى ثورة على مجلس الأمن من أجل إخضاعه للقانون.