بانتظار الجمعة الثالثة من انطلاق مسيرات العودة، والتي شهدت أسبوعين من حالة الإبهار التي شكلتها المسيرات للتحرك الشعبي والجماهيري المدعوم فصائليًا، وصولًا إلى منتصف مايو الشهر القادم، وهنا الحديث عن الأهداف التي تسعى لتحقيقها تلك التحركات الأوسع من سنوات، وتتقدم كثيرًا على التجارب السابقة.
خرجت الجماهير تحت شعار تحت عنوان حق العودة وكسر الحصار عن غزة، وتحمل رسالتين مهمتين لتحقيقهما، حيث يطالب الفلسطينيون بحقهم في العودة، وهو الركيزة الأساسية في القضية الفلسطينية منذ سبعين عامًا، وهو ما يسعى الاحتلال لطمسه، وتساعده في ذلك وتتبناه الولايات المتحدة عبر صفقة القرن، لذلك جاء هذا التحرك لإفشال ما يعرف بصفقة القرن القائمة على إنهاء القضية الفلسطينية وضمان التفوق الوجودي والعسكري للاحتلال في المنطقة ودمجه في المنظومة الإقليمية.
ما كانت تردده رئيسة الوزراء الصهيونية جولدا مئير على مدار سنوات عند تأسيس الكيان بأن معادلة الوجود هي أن الأجداد يموتون والأبناء ينسون قد انهارت على حدود غزة، وتم كسر التابوهات التي حاول الدعاية الصهيونية بناءها على مدار عشرات السنوات، وتصريحات نتنياهو الدائمة عن أن إسرائيل استطاعت أن تحقق اختراقات كبيرة في المنطقة بعلاقتها مع الجوار القريب والبعيد، قد أصبح وهما ولا يتعدى الأروقة الرسمية للأنظمة العربية المعزولة ولا تأثير له على أرض الواقع وآخرها تراجع الطرح الأمريكي عن مبادرة ترامب.
ما حققته مسيرات العودة فشلت به مسيرة طويلة من التسوية التي قادها محمود عباس على مدار سنوات طويلة استنزفت الشعب الفلسطيني ورهن سياساته بيد الاحتلال بما فيها مواجهة المسيرات السلمية في الضفة الغربية التي يدعمها شكلًا، ومهاجمة المقاومة المسلحة كما قال ذلك بالأمس.
الحديث عن محاولة البعض تصوير غزة أنها توجهت متأخرة للمواجهة السلمية ومحاولة إلباسها ثوبا آخر، وتناسى منذ ذلك أنه ما كان للمقاومة السلمية أن تنجح بغزة لولا المقاومة المسلحة التي يحسب لها الاحتلال ألف حساب ولا يرغب بها، وإلا لكنا نرى الشرطة الإسرائيلية تلاحق الشبان أو أن الجيبات الإسرائيلية تتحرك لوسط قطاع غزة، لكن لا يمكن لهم ذلك، لأن هناك شبانا يتحركون أمام الدبابات بسلمية كبيرة ولديهم إصرار كبير على التذكير بحقهم بالعودة ومطالبهم بكسر الحصار عن قطاع غزة، وبنفس الوقت متمسكون بدعم المقاومة المسلحة بل هي مكملة لبعضها البعض، وشعارهم: للشعب مقاومة تحميه، وحتى منتصف أيار يمكن لنا أن نحصي عشرات الإنجازات لواحد وخمسين يومًا من المقاومة السلمية في منتصف أيار القادم، ونعرف حينها إلى أين انتهى حلم الكيان الصهيوني وجولدا مئير.