عباس يطلب من حماس تسليمه قطاع غزة دفعة واحدة من الألف إلى الياء؟! أي تسليمه الوزارات، والأمن، وسلاح المقاومة، والمقاومين، ورقبة حماس قبل ذلك كله، في مقابل كلام مبهم وغامض عن المستقبل، وعن الموظفين، وعن اللا شراكة في الحكم؟!
حماس قررت فيما يبدو عدم المغامرة، بعد أن فشلت مغامرة تسليم المعابر؟! لم تحصد حماس وغزة من تسليم المعابر شيئًا إيجابيًا، بل عانت من التأثير السلبي على رواتب الموظفين في غزة، وعانى المواطنون من ارتفاع سمسرة العبور من معبر رفح؟!
حماس يبدو أنها استخلصت العبر فقررت التدرج، واحدة بواحدة، دمج الموظفين والرواتب والكشف عن نتائج اللجنة الإدارية التي تشكلت لهذا الغرض أولًا ثم الانتقال إلى الخطوة التالية. إن المماطلة التي يبديها الرئيس، وما يصاحبها من قطع الرواتب، تستهدف عدم مواصلة الطريق نحو المصالحة. وإن عقد المجلس الوطني دون توافق شامل، وفي رام الله تحت بساطير الاحتلال كما يقول هو، يؤكد توجه الرئيس للقفز عن المصالحة، وعن الدور المصري؟!
حماس فيما يبدو قررت عدم ملاحقة عباس في تصريحاته المستفزة، وقطعه للرواتب، واتجهت إلى التفرغ لمسيرة العودة الكبرى، ومناوشة العدو عبر الحدود من خلال المسيرات السلمية، حيث وجدتها أفيد للوطن من مناطحة عباس في وسائل الإعلام، واكتفت فيما يبدو أيضًا بمقترح إجراء انتخابات شاملة في الأراضي المحتلة في الضفة وغزة، لتجديد شرعيات النظام الفلسطيني.
الانتخابات أداة ديمقراطية يمكن أن تسهم في علاج حالة الاستعصاء التي تعيشها المصالحة، بعد أن ثبت أن نية المصالحة غائبة تماما عند أحد الطرفين، وأن (تشليح) فتح في غزة، وحماس من الألف إلى الياء هو المطلوب، وأنه لا شراكة مع حركة تقاوم الاحتلال، وتحتفظ بالسلاح، وتبني الأنفاق؟!
لماذا لا يبادر الرئيس لإجراء انتخابات شاملة، وهو الذي اقترحها بعد ثلاثة أشهر من فوز حماس في عام ٢٠٠٦م؟! الانتخابات مطلب فصائلي، ومطلب شعبي، وهي تنفيذ للقانون والتشريعات الفلسطينية، وهي تفويض شعبي بالحكم لمن يفوز بها. إنها حل منطقي ومنصف للأطراف كلها، ومنصف للشعب، الذي تصفه الديمقراطية بأنه مصدر السلطات. فلماذا يرفض عباس الانتخابات، وهو من يطلب الألف والياء وما بينهما رقبة حماس؟!