لم يكن نشر الوهابية في السعودية ودول العالم الإسلامي جزءاً من عملية نشر الإسلام والدفاع عن التوحيد وقمع البدع الشركية، وإنما كان النشر لدوافع سياسية ارتبطت بالحرب الباردة وبطلب من دول غربية حليفة للسعودية لمحاصرة الشيوعية وهزيمتها؟!
هذا ما صرح به ولي العهد محمد بن سلمان لصحيفة الواشنطن بوست، حيث أضاف للصحيفة أن هناك الآن تغييرًا كبيرًا في المناهج المدرسية لتصويب الخطأ ومحاربة التشدد والتعصب.
الخلاصة التي تطرحها هذه التصريحات تفيد أن (التشدد العقدي، والليبرالية المجتمعية) في المملكة يتحركان بقرار سياسي يتشكل في أمريكا والغرب أولاً، ثم يطبق في المملكة بأيدي حكامها؟!
حين أسس الراحل عبد العزيز آل سعود المملكة العربية السعودية تقاسم الفعل والتنفيذ والسيادة مع محمد بن عبد الوهاب، وظلت الوهابية تدير الشئون الدينية في المملكة وتحظى بمكان مرموق، وكان رجالها مقربين من القصر والملك.
الوهابية اليوم تخرج من القصر، ويفقد رجالها مقاعدهم المتوارثة في المملكة، ومن يفقد مقعده في القصر حريٌّ به أن يفقد تواجده في المناهج الدراسية وفي المجتمع، وأن يقتصر وجوده على الشعائر التعبدية فحسب. السينما والمسرح وأهل الفن والغناء هم اليوم في مكانة من يقود ثقافة المجتمع، ويتجه به نحو الليبرالية والعلمانية؟! المملكة تتجه نحو الدولة المدنية الليبرالية وتودع الوهابية، وإرث الآباء والأجداد؟!
لقد وضعت المملكة جماعة الإخوان على قائمة الإرهاب بقرار سياسي غير مشفوع بالأدلة التي توجب هذا الموقف، قبل أن يتهم ولي العهد الإخوان بقتل الملك فيصل، في خطوة تخالف ما استقر في العلم والتاريخ بأن قاتله هو ابن أخيه؟! الإخوان على قائمة الإرهاب السعودية والإماراتية والمصرية، فهل اقترب اليوم الذي توضع فيه هذه الدول (الوهابية) على قائمة الارهاب؟!
لا الإخوان يستحقون هذه التهمة الباطلة، ولا الوهابية وإن تشددت في بعض تعاليمها تستحق هذه التهمة؟! الوهابية، والإخوانية، حركات إصلاحية دينية واجتماعية، قدمت اجتهادات معاصرة لمعالجة قضايا العصر، وإنه لمن الظلم والعدوان على الحركتين أن تتهم إحداهما بالإرهاب، وأن تخرج الأخرى من القصر ومن المجتمع معًا باسم الحداثة والعصرنة والتجديد والليبرالية؟!