قائمة الموقع

​هكذا قضت "تسنيم" ليلتها خلف "التلّة"

2018-04-09T08:39:50+03:00

تارة تحمل إطارات السيارات "الكاوتشوك"، وتارة أخرى تركض لجلب الماء لإسعاف من فقد وعيه بسبب قنابل الغاز، وفي وقت آخر تجدها تهرول حاملة زجاجة عطر وبصلة لتخفف من وطأة تأثير الغاز المسيل للدموع عن شباب آخرين.

"تسنيم عثمان" من بني سهيلا شرقي خانيونس، كانت الطفلة الثائرة في الميدان، لم تهَب رصاصات الجيش المدجج بالسلاح، مشاهد الدماء النازفة والأجساد التي تسقط أرضًا كانت تجعل الدماء تغلي في عروقها، وتدفعها نحو الثأر من المحتل بمقلاعها والحجارة.

انتشرت صورها يوم الجمعة الماضي وهي بهذه الحالة، ثم أعلنت عائلتها عن فقدانها، وفي صبيحة اليوم التالي عادت إلى بيتها بسلام، فما الحكاية؟

مقلاعي والعطر

تحدثت تسنيم (16 عامًا) لـ"فلسطين" عن الظروف التي دفعت أسرتها لنشر مناشدات عاجلة عبر منصات التواصل الاجتماعي بحثًا عنها.

تقول: "بعد عصر يوم الجمعة، خرجت من البيت قاصدة الحدود في منطقة خزاعة لأشارك في مسيرة العودة الكبرى، لكي أطالب بحقي في العودة إلى بلدتي (يازور)".

وتضيف: "ارتديت النقاب لأخفي ملامحي عن جنود الاحتلال، وحتى لا يتعرف إلي أحد من أقاربي، وتسلحت بمقلاعي، وبزجاجة عطر لتكون منقذي من الغاز المسيل للدموع".

خرجت "تسنيم" تتمنى الشهادة دفاعًا عن وطنها السليب، وتتابع: "سنعيد حقنا بأيدنا، من يرى مشاهد قتل الشباب بدم بارد لا يستطيع أن يقف مكتوف الأيدي، لم يعرف الخوف طريقًا إلى قلبي، كنت في الصفوف الأولى ووصلت السياج الحدودي".

"كنت الفتاة الوحيدة مع مجموعة من الشبان الذين يقومون بإشعال (الكاوتشوك) لتشكل غمامة سوداء تحجب الرؤية عن جنود الاحتلال وتفقدهم القدرة على تصويب رصاصهم نحونا، المشهد كان مهيبًا، والفلسطينيون متجمهرون بأعداد هائلة، شحنني هذا المشهد بالقوة التي مكنتني من الوصول إلى السياج لنقل الماء للثائرين هناك"، وفق عثمان.

وتوضح: "كنت أيضا أعيد إلقاء قنابل الغاز مرة أخرى حيث الجنود الإسرائيليون لسرعتي في الركض، وأمسكها بقطعة القماش التي بحوزتي، وكنت أرتدي الكمامة الواقية فلم أخشَ رائحتها، وكان كل ما يشغل بالي كان كيف يمكنني أن أقاوم وأسبب أذى للجنود وأشفي غليلي".

بين العشب

بقيت تسنيم قرب السياج الحدودي حتى وقت متأخر من الليل، تجمع الحجارة وتلقيها على الجنود، وبدأ الشباب الموجودون في المكان بالانسحاب واحدًا تلو الآخر، حتى وجدت نفسها وحيدة، ما اضطرها للبقاء في المكان حتى صباح اليوم التالي.

تقول: "احتميت خلف (تلّة)، وخشيت أن أخرج من المكان فيستهدفني الجنود، فمضيت وقتي ساكنة لأن أي حركة مني ستثير ريبة الجنود وسيطلقون النار علي، وفي الصباح التالي بدأت أتسلل بين العشب، حتى خرجت من المكان في التاسعة صباحا تقريبا".

وتضيف: "لم أكن أرغب بالرجوع إلى البيت، ولكن خشيتي من أن يؤثر خوف أمي وأبي عليّ في صحتهما، ولكني سأعود مرة أخرى إلى نقطة تجمع العودة في خزاعة".

ومن المواقف الصعبة التي شاهدتها الفتاة في المنطقة الحدودية، تروي: "صعد شاب على السلك الشائك ليضع علم فلسطين، فأُصيب برصاصة في قدمه، كنت على مقربة منه ولكني لم أستطِع الاقتراب منه ومساعدته بسبب خطورة المنطقة".

توضح: "لإغاظة جنود الاحتلال في الجهة المقابلة، كنا نغني الدحية وبعض الشباب كانوا يدبكون، وآخرون يكبرون، وكنا نشاهد الجنود ينظرون إلينا، وفجأة قام جندي بحمل علم دولة الاحتلال والتلويح به لإثارتنا".

اخبار ذات صلة